fbpx
إشكالية المفاهيم السياسية عند النخب الجنوبية .. نحو مقاربة سياسية لمفاهيم القضية الجنوبية

إشكالية المفاهيم السياسية عند النخب الجنوبية..

نحو مقاربة سياسية لمفاهيم القضية الجنوبية

د. فضل الربيعي 

تمثل المفاهيم أهمية خاصة في العمل  السياسي ، فالجدل والمناقشة السياسية غالباً ما تفضي إلى صراع حول المعنى المشروع للمصطلحات أو المفاهيم  السياسية .  فـقد يـتجادل الناس ويتقاتلون، بحجة ان كل واحد منهم على حق في تمسكه بمفهوم معين كالديموقراطية أو الحرية او العدالة.   وهنا تكمن المشكلة في أن المفاهيم السياسية  تتخذ معاني مختلفة باختلاف مستخدميها. وعلى ذلك، تصبح المفاهيم إشكالية .

كما هي  في ذهنيه السياسي الجنوبي ، فقد تصارع الناس واحتربوا  وتمترسوا خلف المفاهيم السياسية الذي يضن كل طرف بان ما يطرحه من مفهوم لتفسير الظاهرة او حلها هو  الصحيح.   وقد شكل التاريخ السياسي الحديث في المجتمع اليمني بعامه والجنوب بخاصة تاريخ جدل واسع حول المفا هيم بين النخب السياسية وقاد هذا الجدل إلى صراع مسلح  تتمترس خلفه  قناعات أيدلوجيه ومواقف ثابتة ، وفي الأغلب تعامل معها الكثير بصورة  خاطئة،  ومواقف عصبوية ،بل واخذ هذا النمط من الصراع او الجدل وقت اكبر من اللازم،  الأمر الذي اهدرت بسببه  الكثير الفرص  في خضم هذا  الجدل العقيم،

بدلا من إخضاع هذه المفاهيم إلى خصوصية الواقع والتعاطي معها وفقا  لطبيعة القضايا التي تتمحور حولها هذه المفاهيم النظرية،  ربما سوسيو لو جية المجتمع في الجنوب تشكل بيئة مناسبة لظهور مثل هذا الجدل أو التعامل مع المفاهيم ان صح التعبير.

وعليه فقد استوعب الطرف الأخر هذه السوسيولوجية الجنوبية ويعمل على تسريب وإثارة مثل هذ1 الإشكال في الوسط السياسي  الجنوبي عبر ما كنته الإعلامية . لهذه فان جزء كبير من وقت الجنوبيين يذهب في مجال الجدل العقيم حول معنى هذه المفاهيم ،  مثل مفهوم  استعاده الدولة ، فك الارتباط ، الفيدرالية التحرير ،الاستغلال، الحراك،  القيادي في الحراك،  الانفصال ، القضية الجنوبية أو قضية الجنوب ، الجنوب العربي ، الحوار أو التفاوض  المكونات السياسية والاجتماعية القضية، السياسية ، القضية الوطنية وغيرها  من المفاهيم الذي نشعر أن التعامل معها بالصورة العقيمة  والعقائدية كما الصور الذهنية  التي تستند في بعضها على خلفيات الماضي والحاضر السياسي ، فان ذلك عبث في عبث ، بل وامتهان للعقل السياسي،  وقد ارتكبت النخب  السياسية خطاء كبير في الإفراط بهذه المفاهيم  الذي  أعاق

إلى حدا ما  مسيرة الحركة الوطنية الجنوبية .

فالمحلل السياسي عليه  أن يتجه إلى دراسة هذه الأحداث من وجهة نظر تضفى معنى على ظاهرة أكبر، أو أكثر عمومية، قاصدا الهدف المراد من ذلك  من خلال فهمة  للظاهرة السياسية بإبعاده المختلفة .

 فالمفاهيم السياسية لها طبيعتها وتحديها الخاص فغالبا ما تكون غامضة، وتكون موضوعا للتنافس والجدال،  كما قد تأتى محملة بالأحكام القيمية والتداعيات الأيديولوجية، والتي قد يكون مستخدموها على غير دراية بها،  فمن غير المعقول أن  يجري النقاش بين أناس يدعون التمسك بنفس المبادئ أو الأهداف ، كما هو حاصل الجدل بين أصحاب الفدرالية وفك الارتباط ، في هذا الاتجاه قد اقترح دبليو  بى جاليه  أستاذ  الاجتماع السياسي مخرجا لهذا الإشكال باقتراحه بأنه في حالة مفاهيم مثل “القوة”، و”العدالة”، و”الحرية” فلا يمكن تطوير تعريف محايد أو مستقر للمفاهيم التي هدفها  واحد،  حيث قال يجب أن يتم الاعتراف بها، وباعتبارها أساساً مفاهيم مشتركة، لا يمكن قبول أى منها باعتباره معناه الحقيقى.  لكى نعترف أن المفهوم هو بالضرورة “مفهوم مشترك”  طالما يحقق الهدف المشترك.



·  باحث اكاديمي ، رئيس مركز مدار للدراسات