fbpx
كلمة وفاء بمناسبة أربعينية الفقيد الكبير “القيرحي” بقلم / صالح شائف حسين
شارك الخبر
كلمة وفاء بمناسبة أربعينية الفقيد الكبير  “القيرحي”   بقلم / صالح شائف حسين
صالح شائف

أيها الحاضرون الكرام .. يا من حرصتم على إقامة حفل التأبين هذا والمشاركة في أربعينية الفقيد الكبير محمد علي القيرحي, أسمحوا لي أن أحييكم بدايةً بتحية الرجال للرجال والوفاء للأوفياء مقدراً لكم هذا الموقف النبيل اللائق بكم ويستحقه راحلنا المؤبن بجدارة, بل ويستحق منا جميعاً أكثر من ذلك بكثير .. فهو الذي أعطى ولم يأخذ, عانى ولم يشكي معاناته لأحد .. تألم بصمت وكان حريصاً على ألا يسمع أنينه أحد , وهكذا هم الرجال من أمثال (أبو جمال) حين يقهرون الألم ويهزمون الضعف في النفوس مهما كانت جراحهم لتبقى هاماتهم شامخة بحجم قامة الوطن وعظمته وكبرياء التاريخ الوطني للجنوب.

 

أيها الأوفياء الأعزاء/ برحيل المناضل الوطني الجسور محمد علي القيرحي (أبوجمال) عن دنيانا ليلة السبت الموافق 30 نوفمبر 2013م – والمصادف لذكرى الإستقلال الوطني المجيد – وكأن الأقدار قد كرمته بهذا الموعد وأختارت له يوماً مميزاً وعزيزاً على قلبه .. يكون الوطن قد خسر شخصية وطنية مشهود لها بالوفاء للمثل والمبادئ والقيم الوطنية والثورية الحقيقية, وفقد الجنوب برحيله فارساً من فرسانه وثائراً مغواراً من ثوار 14 أكتوبر التحررية الوطنية الجنوبية الخالدة, ورجلاً من رجاله الكبار الذين قدموا من أجله كل ما كان بمقدورهم تقديمه من جهد وعطاء وبإخلاص وتفاني ونكران للذات قل نظيرة, إيماناً منهم بحق شعبهم عليهم في كل ذلك وإقتناعاً بدورهم في بناء الدولة الوطنية الجنوبية وصيانة الإستقلال وبناء المجتمع الجنوبي الجديد الذي تسوده الحرية والعدالة وسيادة القانون وحكم المؤسسات لينعم المواطن الجنوبي بكرامته والوطن بسيادته الكاملة وغير المنقوصة.

 

أيها الإعزاء الكرام/ لقد فقدت شخصياً برحيل (أبوجمال) كما هو الحال لكثيرون غيري في الشتات وداخل الوطن أخاً عزيزاً ورفيقاً مناضلاً وصديقاً طيب القلب تميز بالوضوح والصراحة والتواضع والبساطة كذلك, وإنساناً نبيلاً حقاً وترك مكانه خالياً يصعب تعويضه بسهولة في هذا الزمان الردئ , لقد جمعتنا ووحدتنا ظروف الشتات القهري والمعاناه الأليمه المشتركة لمدة تقارب العشرين عاماً هي الأسوأ على الإطلاق في حياتنا, قبل أن توحدنا قائمة الـ 16 الشهيرة التي حددتها وأختارتها سلطة (الإحتلال الوحدوي) ومع كل تلك الظروف والأوضاع فقد كان ذلك دافعاً ومحفزاً لنا في مواجهة كل التحديات والصعاب والثبات على الموقف الوطني غير القابل للإهتزاز أو التراجع ولو قيد أنمله تمسكاً ودفاعاً عن قضية شعبنا في الجنوب الصامد والمكافح رغم العروض والإغراءات السخية التي قدمت لنا إيماناً بحتمية إنتصار قضية شعبنا العظيم مهما طالت وتعددت معاناته وتضحياته أو خذله البعض من أبنائه, أو تاجر بإسم قضيته البعض الآخر, أو أستغلها الإنتهازيون وما أكثرهم مع الأسف الشديد لتكون جسراً للمرور إلى دائرة الأضواء والبحث عن الشهرة والزعامة والنجومية المقيته والمدمرة والمسيئة والخطيرة على قضية الجنوب وبكل أبعادها السياسية والوطنية والتاريخية والإجتماعية كذلك.

 

أيها الأعزاء الأوفياء/ لقد رحل المناضل القيرحي كما رحل من سبقوه من الرجال والهامات الوطنية إلى العالم الآخر بصمت وشرف وكبرياء, مودعاً عالم الزيف والنفاق والجحود وإنعدام الوفاء وسقوط القيم الأخلاقية لدى البعض ممن يفترض بهم القيام بواجباتهم الأخوية والوطنية وتقديم المساعدات اللازمة عند الحاجة إلى ذلك .. أما الحديث عن مناقب الراحلون بعد وفاتهم والإشادة بأدوارهم وتاريخهم الوطني الناصع, فلا يساوي ذلك شيئاً إطلاقاً ولا يتجاوز حدود المجاملة والنفاق الإجتماعي وإشعار الناس كذباً بأنهم الأوفياء لرفاق دربهم ومهتمون بهم وهم أحياء وحتى يدفنون في قبورهم .. لقد أحزنني كثيراً أن يغادر راحلنا الكبير المستشفى قبل إتمام علاجه من الجلطة التي أصابته نتيجة عجزه عن دفع فاتورة الإقامة والعلاج, والمؤسف أن تتوالى الإتصالات للإطمئنان على صحته دون تقديم أية مساعدات تذكر من قبل البعض, ومع ذلك هناك من قام بواجبه نحو الفقيد وعائلته الكريمة في هذا الظرف الأليم والمحزن..

 

لقد فقدنا الكثير من منظومة القيم والمثل الإنسانية والوطنية الرفيعة التي عهدناها وعشناها واقعاً في الجنوب ولأسباب كثيرة تعرفونها جميعاً أيها الأحباب, وهي أخطر ما سنواجهه في جنوب المستقبل لإرتباطها بتغيير نمط السلوك وإصلاح ما خرب في النفوس وتحرير الذات من الأنانيه المفرطه..

 

سيبقى محمد علي القيرحي أسماً لامعاً في سجل الكفاح الوطني لشعبنا وستبقى ذكراه عطرة عند الناس الذين أحبهم وأحبوه مهما تجاهله البعض أو تنكروا لدوره ومكانته, فأمثاله لا ينساهم الناس ولا يتنكر لهم التاريخ المجيد لشعبنا في الجنوب..

 

أخبار ذات صله