fbpx
علو التّحوت الوعول !!!

 

بقلم الكاتب / حسين صالح غالب السعدي

 

المطلوب منا والواجب علينا هذه الأيام الإكثار من العمل الصالِح والعِبادة وذكر الله عز وجل واستغفارهِ في السكن وفي أعمالنا وفي طرقاتنا وبين الناس وفي الخلوة لينجينا البر الرحيم برحمته من الفِتَن والكُروب التي اشتدت علينا ، فقد انتفع بذلك عند أن أصيب بالكرب سيدنا يونس عليه السلام حتى فرج الله عليه قال تعالى : { وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } وأيام الفتن تلتبس الأمور وتتغير الأحوال عند اشتداد المصائب والكروب فلا ينجي منها إلا الأعمال الصالحة  لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( بادِروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ ، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا ، أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا ، يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا ) . [ مسلم 118 ] ، وفي هذا حَثٌّ على الأعمال الصالِحة قبل تعذّرها والانشغال عنها بما يحدث مِن الفِتَن الشائكة . ومما يُعين على الحق وتجنّب الفِتَن كَثرة استخارة الله عزَّ وَجلَّ ؛ لأنهُ الذي يَعلم ولا نَعلم ، ويقدِر ولا نَقدر ، وهو عَلام الغيوب الناس في زمن الفتن يتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دينهم فيكون حالنا شبيها بحال أهل الجاهلية فعلينا هذه الأيام بالذات دُعاء الله عَزَّ وَجل ، والتضرّع إليه ، والاستعانة به ، والتبرؤ من الحَول والقوّة ، فهذه من أنجع الوسائل وأنفعها في الوقاية مِن الفتن والنجاة منها والِهداية إلى الحق والثَبات عليه ، لا سيما عند التباسهِ بالباطل واختلاف الناس فيه ، وذلكَ لأنَّ مالِكَ القلوب ومُقلّبها هو الله عز وجل ، فلا يهدي إلى الحق ، ولا يثبّتنا عليه إلا الله سبحانه وتعالى قال تعالى : ( من يَهدِهِ اللَّهُ فلاَ مضلَّ لَهُ ، ومن يضلل فلاَ هاديَ لَهُ ) ومِن أنفع الأدعية في ذلك ما كانَ يدعو به صلى الله عليه وآله وسلم ويحافظ عليه كل ليلة في الاستفتاح به في قيام الليل : ( اللهمَّ ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، فاطرَ السماواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، أنت تحكم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم ) . [ مسلم 770 ] ، ومِن ذلك ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تعوَّذوا باللهِ من الفتنِ ، ما ظهر منها وما بطن ) ، قالوا : ” نعوذُ باللهِ من الفتنِ ، ما ظهر منها وما بطن ” . [ مسلم 2867 ] .هذا الواجب علينا جميعا أن نلجأ الى الله عز وجل ، وندعوه بأن يُنجّينا من الفِتَن لأنه قد علا التحوت الوعول كما أخبر بذلك صلى الله عليه وآله وسلم وكثر المتنفذون واللكع ابن اللكع حيث هي من أشراط الساعة كما جاء في  الحديث { يعلو التّحوت الوعول } قالوا: يا رسول الله ! وما الوعول وما التُّحوت؟ قال : الوعول: أهل البيوت الصالحة والتُّحوت : فسول الرجال وأهل البيوت الغامضة ، يرفعون فوق صالحيهم . حيث ما نراه ونشاهده من المتنفذين والنهابين والمفسدين من حشو الناس وسفلتهم ، لم يكن يُعتدُّ بهم ، فصار ـ هؤلاء الأنذال ـ لهم شأن في هذا الزمان!!  فمرادهم أن يكونوا وجوه الناس وأشرافهم ، لكنهم بقوا التّحوت ولو علَو فعلوّهم مزيَّف وغير حقيقي وما ارتفعوا إلا بسبب ذنوبنا وكثرة سيئاتنا واختلافنا فيما بيننا وما يصلحنا وبعدنا عن الله وعن دينه وكما تكونوا يولى عليكم وهذا حالنا إن لم نعد الى الله بصدق وعزيمة .

 

نسأل الله عز وجل أن يقينا من الفِتَن ونسأله سبحانه أن يوحِّد صفوف أبناء الجنوب المظلومين المباركين وأن يؤلِّف بين قلوبنا على طاعته ومرضاته ، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأن ينصرنا على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين .