fbpx
الإسلاميون في إقليم عدن .. بقلم | عارف عبد الكلدي
شارك الخبر

إذا صدر قرار مجلس الأمن هذا اليوم بصيغته المسربة إلى الصحافة فهذا يعني وضع اليمن تحت البند السابع من القانون الدولي، ويعني أن وثيقة مؤتمر الحوار هي خارطة الطريق بخطوطها العريضة، ومن ذلك أن يصير تقسيم اليمن إلى أقاليم أمراً واقعاً من الصعوبة بمكان على قوة محلية من نوع ما عدم التأقلم معه.
هذه مقدمة أولى للموضوع، والمقدمة الثانية أن الرؤية الإسلامية للحياة بشكل عام ومنها الرؤية السياسية تتجاوز العصبيات الجاهلية كلها، فالإسلام لا يفرق بين أحفاد العرب من المهاجرين والأنصار وأحفاد بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي، ولا يعترف بالجاهلية القبلية والمناطقية والعرقية، وعلى هذا فالإسلاميون هم الوحيدون في إقليم عدن الذين ينتظم في صفوفهم الصوماليون والهنود والعرب بمختلف انتماءاتهم المناطقية. وهذا يؤهلهم للقفز على جراحات الجنوب، والتخلص منها بإذن الله إلى الأبد.
من تجربة الجنوب رأينا أن الخلاف الفكري بين النخبة سرعان ما يتحول إلى خلاف مناطقي جاهلي، وآخر نموذج لذلك هو الخلاف داخل الحزب الاشتراكي في بداية الثمانينات، إذ تحول الخلاف بين الرؤية التي تبناها علي ناصر محمد، وترى التقارب مع الشمال ومع دول المنطقة، وبين الرؤية التي تبناها عبدالفتاح إسماعيل وترى أن الجنوب جزء من ثورة بروليتارية عالمية، تحول إلى خلاف مناطقي مقيت ومفزع.
إن تلك العقليتين لا تزالان قائمتين، إحداها تتبنى التأقلم مع الواقع، ويمثلها المؤتمر الأخير الذي ترأسه علي ناصر محمد، والذي يبدو أنه مشروع حزب سياسي، والأخرى تتبنى الكفاح المسلح الذي تمثله قناة عدن لايف من ضاحية بيروت الجنوبية، الجديد هذه المرة أن حيدر العطاس وصالح عبيد انضموا للرؤية المتأقلمة.
الشيء الجميل هذه المرة أن الكل يعمل وفق التعددية، ولم يعد مقبولاً في الثقافة العالمية استفراد حزب واحد بمقاليد الأمور كلها.
والجديد هذه المرة أيضاً أن المجال سيفتح للأحزاب البريطانية التي كانت ناشطة في الخمسينات والتي تتبنى العصبية العدنية.
إن المسرح السياسي مؤهل بقوة للعمل الإسلامي، لكن نقطة ضعف هذا العمل هو سطحية الإسلاميين في هذا الإقليم، فالإسلاميون أتباع الشيخ مقبل الوادعي لا يزالون يعيشون خارج العصر، ولا يزالون يرفضون تأسيس مدرسة نظامية في مركز الفيوش فضلاً عن أن يمارسوا رؤية إسلامية سياسية، وكذلك الإسلاميون الذين يتبنون العنف المسلح يريدون تأسيس الخلافة وفق رؤية قصيرة لا تقرأ الواقع قراءة صحيحة.
الريادة في العمل الإسلامي في هذا الإقليم تتمثل في حزب الإصلاح العريق في ممارسة العمل السياسي، والذي يبدو أنه سيخاطب جمهور هذا الإقليم بعيداً عن مشاكل صنعاء، وفي حركة النهضة السلفية الناشطة في هذا الإقليم، والتي تدل مجريات الأمور على أنها ستتحول إلى حزب سياسي.
التحدي أمام هذين الحزبين داخلي أكثر مما هو خارجي، ويتمثل بناحيتين:
الأولى: هل سيترفعان عن المنافسة السياسية بينهما، وينسقان المواقف، ويقبل أحدهما بالآخر.
والثانية: هل يستطيعان إقناع الإسلاميين الآخرين على الأقل بالتعاطف معهما. وهل يستطيعون بث الروح السلفية المعتدلة التي يمثلها كبار علماء الأمة في أوساط إخوانهم السلفيين الذين وقعوا ضحية للتطرف في التبديع والتكفير…..
اللهم اجعل كلامي هذا خالصاً لوجهك الكريم.

أخبار ذات صله