fbpx
هل كان حزب الرابطة منصفاً برسالته إلى مجلس الأمن !؟

ليس بمقدور أحد إنكار أن ما جرى بين النظامين المتناقضين المتخاصمين في اليمن من اتفاقات على الوحدة لم يكن يهدف إلى “تحقيق وحدة عادلة” بين الدولتين .. إذ لا يمكن القبول باندماج نظامين متصارعين إلا إذا كان الغرض من الاندماج هو نقل الصراع المتقطع على خط الحدود بينهما إلى صراع مستمر داخل حدود كل منهما لتكون نتائجه مدمرة ، وغير قابل لأي نوع من الحلول الداخلية أو الخارجية طالما كان جوهره قضية هويتين مختلفتين ، ومظلته الفساد الرسمي .. وهذا ما جرى بالفعل ، وبالتالي أدى إلى ضياع الدولتين معاً .

وعلى الرغم من أن رسالة “حزب رابطة الجنوب العربي الحر” إلى  مجلس الأمن الدولي المؤرخة 9 مارس 2014م ، التي عبّرت عن موقف الرابطة من القرار 2140 ، كانت جيدة فيما احتوته من توضيحات حول عدم جواز الوحدة المعلنة ، وحول بعض الانتهاكات التي جرت بصورة غير مسبوقة على مدى العصور ، إلا أن الرسالة لم تبين بوضوح أن ما جرى من اتفاق على الوحدة وما تلاها من حرب كانتا مؤامرة على كل من الدولتين .

وكان من الأفضل لو أن حزب الرابطة أخذ  في الاعتبار أهمية وحدة الموقف والفكر السياسي الجنوبي أمام المنظمة الدولية ، لاسيما عند الحديث عن وضع ثوري قائم في الجنوب ؛ وألا  ينسى أنه لا يمكن النظر إلى  الأحزاب كأبراج مشيدة ، ثابتة الأساس والبنيان ، لأن الأحزاب بصفة عامة ، ليست إلا “برامج سياسية”  تلتف حولها جماعات سياسية لتكوِّن أحزاباً ، فـتحدد بذلك مواقفها من قضايا المجتمع ، وبالمقابل يتخذ المجتمع موقفه  من تلك الأحزاب على أساس برامجها .

لهذا نرى أن الرسالة  قد أصابت كثيراً في مضمونها ، ولكن قد تُحسب عليها المآخذ التالية من واقع ما احتوته كرسالة :
(1) ورد فيها أن حزب الرابطة أول حزب طالب باستقلال الجنوب العربي .. وهذا صحيح ، لكنه لم يعد ذلك الحزب الذي كان قبل الاتفاق على الوحدة .
(2) أشير فيها  إلى أن الجبهة القومية استلمت الاستقلال من بريطانيا منفردة دون حزب الرابطة وجبهة التحرير .. وهذا قد يُعد محاسبة “رابطية”  لتاريخ الجنوب .
(3) كانت الإشارة  إلى  المبادرات التي قدمها الحزب خلال الفترة (2005م – 2011م) توحي إلى قبول “رابطي” بوضع الاحتلال على الرغم من أنها كانت مبادرات خاصة بحزب ” رأي ” .
(4) كانت الإشارة إلى تنصل صنعاء عن “وثيقة العهد والاتفاق” قبيل الحرب ، تلميحاً إلى قبول الرابطة آنذاك  بما تم فيها من “اتفاق جديد” بين الطرفين على الرغم مما حملته الأزمة  من دلالة على استحالة تحقيق الوحدة .
(5) تفرُّد قيادة الرابطة من الخارج  بتلك الرسالة دون القيادة الميدانية للحراك الثوري الجنوبي قد يثير بعض التأويلات التي لا تخدم القضية فيما يخص وحدة الموقف الجنوبي أمام المجتمع الدولي .
(6) كان يتعين على الحزب إعادة الاندماج مع رابطة الجنوب العربي ليكتمل الحديث عن التاريخ النضالي للرابطة ، وعن استمرار مواقفها كما كانت عليه قبل الاتفاق على الوحدة .

وللإنصاف ، يُعد حزب الرابطة بجناحيه ، في الفترة الأخيرة ، أفضل الفصائل السياسية التاريخية الجنوبية تعبيراً عن قضية الجنوب ، كدور وطني  يستحق الاحترام ، ونأمل – بل نتوقع – أن يكون الحزب  سبَّاقاً إلى توحيد الجهود الوطنية لاستعادة الاستقلال الوطني للجنوب العربي .

وأخيراً ، يجدر التأكيد على جزيل احترامي لحزب الرابطة وقياداته ، ولأرواح رواده العظماء رحمهم الله .