fbpx
الوحدة اولا يا عرب الخليج العربي (د.محمد صالح المسفر )
شارك الخبر
الوحدة اولا يا عرب الخليج العربي (د.محمد صالح المسفر )

قد تصل مقالتي هذه الى القارئ العزيز وقد انفض الاجتماع التشاوري لقادة دول مجلس التعاون وقرروا قيام اتحاد بين اثنتين او اكثر من دول المجلس وقبل كل قول فاني مع الدعوة الى قيام اتحاد او وحدة بين دول المجلس. اريد التذكير بأن ظروف نشأة مجلس التعاون في البداية كانت لاسباب الاضطرابات المحيطة بنا في ذلك الزمان، ثورة شعبية اطاحت بالنظام الملكي في طهران واعلنت عزمها لتصدير الثورة الى محيطها العربي اولا، الاتحاد السوفييتي في زمانه اندفعت قواته الى قلب افغانستان على مقربة من مياه الخليج العربي، اشتعال الحرب العراقية ـ الايرانية واوضاع داخلية مضطربة في بعض دول الخليج العربي تنذر بعدم الاستقرار فكان مولد مجلس التعاون لدول الخليج العربية .

اليوم حال الخليج ليس بعيدا عن امسه، اوضاع داخلية متفجرة في معظم دول المجلس تنذر بتغيرات سياسية مخيفة، سباق في ميدان التسلح النووي بين الدول المحيطة بالمنطقة (الهند الباكستان اسرائيل وايران) تهديدات ايرانية جادة، انعدم الاصدقاء وقل الوفاء لدول الخليج العربية ممن اعتقد حكام الخليج انهم اصدقاء اوفياء، كثافة سكانية غير عربية قد تبتلع معظم دول المجلس، ظروف عربية غير مواتية وفوق هذا كله هناك مطالب شعبية لاصلاح نظم الحكم في المنطقة يقابله تمنع او استعصاء على الاصلاح من قبل بعض حكومات الخليج الامر الذي ينذر بعواقب لا تحمد عقباها لدول المجلس مع ملاحظة ان هيبة النظم والخوف من سيطرة الحاكم المتشدد تتهاوى يوما بعد يوم .

في ظل هذه الظروف تأتي دعوة الملك عبد الله ال سعود الى قيام اتحاد يضم دول مجلس التعاون بعد ان فشل مشروع توسيع العضوية ليشمل الاردن على الاقل فهل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية مواتية، ازعم بان الظروف لقيام اي اتحاد في الخليج غير مواتية ولكي نجعلها مواتية فلا بد من حل الكثير من الامور العالقة قبل قيام اي اتحاد، اهمها عندي مسألة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات فلا تمييز طائفيا او قبليا او اسريا، قبل قيام اي نوع من انواع الاتحادات في المنطقة فلا بد من حل الازمة السياسية في البحرين العالقة بين النظام الحاكم والشعب على اسس العدالة والمساواة بين الناس. ان تجاهل تلك المسألة تحت اي مبرر سيؤدي الى انهيار اي اتحاد بين البحرين وجواره السعودي كما تشير وسائل الاعلام الخليجية وتصريحات المسؤولين في البحرين وسيؤدي الى تصعيد المواجهة بين الشعب والحكومة الاتحادية كما سيؤدي الى انتشار النزعة الطائفية الى دول الجوار الخليجي .ان اي اتحاد في الخليج لا يحظى باجماع شعبي عبر استفتاء نزيه وشفاف سيؤدي الى ازمات يستعصي حلها. ولنكن اكثر صراحة وصدقا ان دخول بعض قوات درع الجزيرة الى البحرين لمواجهة الحراك الشعبي ولو حتى تحت ذريعة حماية المؤسسات السيادية والاقتصادية عمق جذور الكراهية وزاد مسافة البعد بين شعب البحرين وبعض دول مجلس التعاون التي شاركت قواتها في تلك المواجهة .

شعب البحرين يملك تجربة حزبية سياسية تغوص في اعماق تاريخ البحرين، هناك دستور مكتوب والخلاف الان قائم حول تفعيل دستور 1970 دون تعديل، هناك برلمان منتخب ولو انه في الجانب الاخر مجلس شورى مواز للبرلمان له قوة البرلمان ولكن الجدل في البحرين يدور حول تفعيل دور السلطة التشريعية هناك مؤسسات مجتمع مدني نشطة وفعالة واعتراف ضمنا بالتعددية المذهبية والدينية هناك مواطنون يهود ومسيحيون ومسلمون، هناك حرية شخصية وسياسية لن يقبل شعب البحرين ان تمس تحت اي ذريعة كانت .

يظهر ان حكومة البحرين هي الاكثر اندفاعا نحو فكرة الاتحاد مع دولة واحدة او اكثر لانها تشعر بانها في مأزق سياسي بينها وبين شعب البحرين الشقيق. من اجل صدق النوايا عند حكومة البحرين في رغبتها في الاتحاد ماذا يمنعها ان تستجيب لبعض مطالب الشعب الجوهرية واهمها المساواة في الحقوق والواجبات والحقوق السياسية لتدخل الاتحاد وهي قوية في جبهتها الداخلية اريد تذكير القيادة السياسية في البحرين بموقفها ابان محادثات الاتحاد التساعي في اواخر ستينات القرن الماضي في شأن السلطات الاتحادية ومقر العاصمة والوحدة النقدية والتمثيل الشعبي في مؤسسات الدولة الاتحادية وغير ذلك. كانت البحرين في ذلك الزمان تملك جبهة داخلية موحدة ومترابطة اما اليوم فالاوضاع الداخلية مخيفة جدا .

اخر القول: وحدة الجبهة الداخلية في دول المنطقة اهم من اي اتحاد. ان الهروب من الواقع المخيف لبعض دولنا الى قيام اتحاد خليجي قبل حل الازمات الداخلية في كل دولة على حدة امر يؤدي الى الفشل بل سيؤدي الى تفاقم الازمات اننا مجتمع لا يتحمل الفشل في التجربة الاتحادية ففكروا يا حكامنا ولا تستعجلوا ففي العجلة الندامة .ان الحلول الامنية حتى ولو كانت اتحادية لمواجهة الاعاصير السياسية في الخليج لن تكون مجدية ان الشعب هو مصدر الامن والاستقرار ولا بد من اشراكه في صناعة مستقبله ومستقبل الوطن الخليجي برمته

 *القدس العربي

أخبار ذات صله