من الغباء السياسي تجاهل الواقع أو عدم قراءته قراءة صحيحة، والمتتبع للشأن اليمني سيدرك تلك الحقيقة، وبالذات فيما يخص القضية الجنوبية، التي بدأت بمطالب حقوقية، كان بالإمكان علاجها في وقتها، إلا ان الغباء السياسي لنظام المخلوع، لم يقرأ الواقع قراءة صحيحة، وتجاوز تلك الحقوق وتلك المطالب، ولم يعر القضية الجنوبية ومطالب أبناءها أي أهتمام، ولم يدرك بان تلك المطالب وتلك الحقوق ستكون شرارة ثورة، تطيح به وتزلزل عرشه .
والآن وبعد ان تم الإلتفاف على تلك الثورة، وفشلت في تحقيق أهدافها، في إجتثاث الفساد وإزالة الفاسدين، والقصاص من القتلة والمجرمين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وبعد ان عادت معظم تلك الوجوه القبيحة للحكم من جديد، لم يتغير حال اليمن، ولم يتغير التعاطي مع القضية الجنوبية، بل استمر تجاهلها والغاء وجود وصوت أبناءها، وخاصة بعد خروج تلك المليونيات المنادية بأعلى صوتها ( نحنُ هنا ) ولكن لا حياة لمن تنادي .
ان تجاهل القضية الجنوبية، وتجاهل شعب الجنوب، وتزوير إراتهم، واستمرار القتل وسفك الدماء وتكميم الأفواه، لن يسكت أبناء الجنوب، ولن يدعهم يتخلوا عن قضيتهم، ولن تُحل المشكلة، وخاصة بعد ان قدموا في سبيلها قوافل من الشهداء من خيرة أبناءهم، بل ان ذلك سيزيدهم إصراراً على التحدي والنضال، حتى يحرروا أرضهم ويستعيدوا حقوقهم، ويبنوا دولتهم المنشودة .
لذا وجب على حكومة صنعاء، وأصحاب القرار فيها، وكل من له يد في قتل أبناء الجنوب، ان يكف يده عن ذلك، ويتعلم من الماضي، ويدرك بإن الأوضاع قد أختلفت، وان جنوب اليوم ليس جنوب الأمس، وان المطالب والحقوق قد تحولت إلى ثورة حقيقية، لا يمكن لها ان تنطفي، حتى تطفي نار أعداءها، وتحقق أهدافها، كاملةً غير منقوصة، وان غداً لناظرهِ قريب .
