fbpx
النص الكامل لحوار ” هيكل ” في مصر أين .. وإلى أين .؟
شارك الخبر

فى الحلقة الثانية من حلقات «مصر أين.. ومصر إلى أين؟»، للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مع الإعلامية لميس الحديدى على فضائية «سى بى سى»، واصل الكاتب الكبير تحليله العميق وقراءاته لوطن يواجه أزمات كبيرة، ويبحث عن قارب نوح للنجاة، وتحت عبارة «جسر إلى المستقبل»، يواصل البحث بحكم تجربته التاريخية الكبيرة عن جسر لوطن يعيش انهيار سدود ما بعد يناير ومنطقة مجرّفة، ووسط الركام يبدو أن الوصول إلى الطريق سهل شريطة أن يشعر الناس بالأمل، ويواجَهوا بالحقيقة وأن تحل الأهداف محل الأحلام، وقتها سيشعرون بالرغبة فى الصبر، لأن الصبر له هدف، وهناك نتيجة، هى خارطة الطريق التى ساقها الكاتب الكبير لأى رئيس قادم كى يعبر الأزمة، شريطة أن يقترن ذلك بترتيب الأولويات والفصل بين العاجل والداهم من جهة، وبين الضرورى من جهة أخرى.. إلى نص الحوار:

■ هل الحقائق الموجودة أمامنا الآن.. ولن أقول تفاؤل أو تشاؤم.. تدعو للقلق أم التدبر؟

– طوال عمرنا لم نكن بحاجة لإعادة النظر فى أمورنا مثلما نحتاج الآن، لسبب واحد، أننا لعشر سنوات سرنا وراء أحلام بلا مناقشة وخلال ثلاثين سنة تحولت الأحلام إلى نوم وما بين الأحلام والنوم دخلنا إلى دهاليز عميقة، مثلاً عندما نتحدث عن البرامج، أنا ذكرت أن أى مرشح لا يحتاج إلى برامج مفصلة.

■ هذا سبب جدالاً كبيراً فى حقيقة الأمر!!

– وتشاجروا معى بلا حدود من كلا الحملتين، ومعى الآن مشروعات البرامج الموجودة للفريقين، سواء للسيسى أو حمدين، وهى ليست كافية والجهد المبذول هائل ولكن فى الحقيقة دون المطلوب، نشكر من عمل عليها لكن أعتقد أننا لم ننظر إلى حقائق الأمور، وعمرنا لم نكن مهددين مثل الآن، وغبنا عن الساحة 40 عاماً إما بسبب الوهم أو النوم واستيقظنا على صدمة ثورة يناير، التى رفعت الغطاء عن حقائق الأشياء واستهولنا الصورة، ولم نستطع توصيف الصورة بشكل سيئ، حملة المشير السيسى على سبيل المثال.. وسأبدأ بـ«حمدين»، وكنت أتمنى أن يكون فى ظروف مختلفة وينجح، والغريب أنه لديه أساس لبرنامج ويعتمد على برنامج اقتصادى بديل، يعتمد على دراسات معينة لمؤتمرات، والغريب جداً أننى حضرت فى هذه المؤتمرات، ومن خطه الدكتور أحمد النجار، وهى دراسات بديعة وافتتحت هذا المؤتمر وقرأت أبحاثه، لكن رؤية برنامج تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، بمعنى أن رؤية برنامج أى مرشح لا يمكن أن تعتمد على أبحاث، نحن نحتاج إلى ما هو أعمق وأوسع لكى نتحدث، ولكن هناك انتخابات مقبلة وأنا أقول إن أى مرشح سيقدم أهليته وإضاءات سريعة على بعض ما ينتويه، وضربت مثلاً حول ذلك أن يكون متأكداً أن دخول الجيش فى الساحة فى هذه اللحظة ليس شرطاً لحكم تسلطى، وأن يبدى إلى من ينحاز فى العدالة الاجتماعية، أما البرامج فهى قضية أخرى.

■ ماذا عن برنامج المشير السيسى؟

– لن أدخل فى تفاصيل، ولدى برنامجان، الأول وجدوا فيه نوايا طيبة وقد يكون بعضه جيداً وممتازاً لكنه يعتمد على تنمية مناطق فى أجزاء من مصر عن طريق الأراضى، وليست هناك رؤى ولا تصورات.

■ والبرنامج الذى قيل إنه يمينى جداً أو رأسمالى جداً؟

– البرنامج الثانى وضعته لجنة من أفضل ناس، وشعاره «أنا المصرى»، ومبذول فيه جهد كبير، ولكنى أرى أن هذه الظروف تقتضى رؤى أخرى، وأنا أرى وخاصة من عائلتى، وأتفهم الشباب وهم يتساءلون كيف لا يكون هناك برنامج؟ هناك شباب مستعد أفهمه وآخر أفهمه بمعنى العاطفة، لأن العاطفة تسيطر عليه، وثالث أفهمه فى سياق ما قد ينساق إليه، وكنا نتكلم إما «مرض الطفولة اليسارى» فى لينين، أو تصورات جيفارا، وأتذكر أنى دعوته من خلال الأهرام لزيارة مصر وجاء فى حقيقة الأمر وزار منزلى، وأتذكر الدكتور إسماعيل صابر عبدالله، وكانت زوجته من أسرة عريقة وهى بنت أفلاطون باشا، قالت «جميل مثل إله»، وكل من رآه أصابه الخبل حتى جيفارا، بعد ذلك الثورة تهدأ عندما نواجه الحقائق، وأنا أتحدث هنا عن أقربائى كيف لا يكون هناك برنامج للمرشح؟

■ إذن كيف نحكم على المرشح؟

– نحكم على مرشح فى ظرف أزمة، إذا كان قادراً على مواجهة أزمة، لذلك قلت إن المشير السيسى لا يحتاج إلى برنامج، وكذلك «صباحى»، لأننى قلت إن ثمة مشاكل عاجلة ضرورية المواجهة، وهناك مشكلات مهمة جداً وضرورية، لكن ليست هى العاجل، لأن العاجل من الممكن أن يقطع عليك الطريق إلى الآجل، ولهذا نتكلم كيف نتحدث عن برنامج؟ لا بد فى أى برنامج فى العالم كله أن يكون هناك توصيف للأمن القومى المصرى، والأمن القومى الآن ولأول مرة منذ نظرياته القديمة بداية من تحتمس ومروراً بصلاح الدين الأيوبى ومحمد على وجمال عبدالناصر، سقطت كل تصوراتنا السابقة، كانت تعتمد أن كل التهديدات المقبلة لمصر مقبلة من المشرق، ولأن كل الغزاة غزوا مصر عبر بوابتها الشرقية ما عدا نابليون الذى جاء بحراً، ولدينا مصالح فى الجنوب حيوية، ولكن ليس عليها مصادر تهديد، وبالتالى نظرية الأمن القومى تعتمد على أن نتأكد أن الجنوب هادئ، حيث منابع النيل كما هى، ونتأكد أننا قادرون على الدفاع عن المشرق والمغرب والبحر، ليس هناك مشكلة وكانت هذه هى الثوابت، لكن الآن الأمر اختلف وأصبحت هناك مشاكل من كل مكان، لدينا مشاكل لأول مرة من جبهة الجنوب، كانت القضية فقط ومشكلاتها العلاقات، لأن الحياة كلها قادمة من الجنوب، وإذا لم نقدر هذه التغييرات، وكنا طول الوقت مطمئنين أن إثيوبيا لا تستطيع فعل شىء فى المياه، لأن كميات المياه وسرعة التساقط ستجرف أى مشروعات يقومون بها، والنقطة الثانية كانت الحقوق التاريخية المكتسبة فى هذه المنطقة، واتفاقيات قديمة، وهى تحتاج لمناقشة، وهذه الاتفاقيات بلاغات قادمة من قوى استعمارية من خلال إنجلترا نقلاً عن إيطاليا فى إثيوبيا، وبعد ذلك قيل إن كل الاتفاقيات بعد التحرر عقدتها نيابة عنها قوى استعمارية لم تعد قائمة، ونحن وقتها استعضنا عن ذلك، ونحن لا نريد أن نتطرق لهذا الأمر بشكل كبير، ماذا فعلنا؟ حتى الملك فاروق نفسه فى مصر الملكية بكامل أركانها أهملوا هذا طول الوقت، باستثناء فؤاد وفاروق أدركا أهمية الحبشة، وكنا وبصرف النظر عن الخلافات، وهناك خلافات قديمة ولا أريد العودة للتاريخ القديم، لكن عملنا معها علاقات بعد الغزو الإيطالى فى عام 35 و37، وجاء إلى مصر وأصبحت هذه بادرة لدفء فى العلاقات إلى جانب العلاقات الكنسية، وعندما بدأ عصر عبدالناصر تم تغطية أفريقيا من باب الانتماء الأفريقى، وأنشأنا منظمة الوحدة الأفريقية، ودعمنا حركات التحرر الأفريقى، وأصبحت هناك بشكل أو بآخر علاقات تسمح لحوار يدور برقة، فالمهندسون والرى كانوا موجودين فى كل منابع النيل، ثم لأسباب لا أفهمها بدأنا مقاومة الشيوعية فى أفريقيا لصالح الولايات المتحدة، وتسببنا فى حروب.

لدىّ برنامجان لـ«السيسى».. الأول يعتمد على تنمية أجزاء من مصر.. والثانى وضعته لجنة من أفضل الناس

■ وفى عصر مبارك تدهورت الأمور بشكل أكبر..

– الطين زاد بلة فى عصر مبارك بسبب محاولة اغتياله هناك، وقد رأيت زيناوى وكان مريضاً وهو يعالج فى إيطاليا وقتها، وكنت فى الأسانسير وقابلنى أحدهم وحدق بى وأظنه بدا إثيوبياً، وعندما وصلنا لأحد الطوابق سألنى هل أنت مستر هيكل؟ أجبته نعم، فقال لى إن زيناوى هنا يعالج لأنه مريض، فقلت لا أعرف ذلك، وسألنى هل لديك مانع للمقابلة، فقلت بالطبع لا، واتصلوا بى بعد يومين لتحديد موعد، وأرادوا أن يكون اللقاء فى التراس بجوار الصالون، وجاء هو ومعه أحد مساعديه وبدا يشكو مما صنعناه، ومنها محاولة اغتياله 3 مرات فى عهد مبارك، من خلال خطط السيد عمر سليمان، وهذا أمر خطير.

■ هل كان هذا حقيقياً؟

– لا أريد الخوض فى هذه التفصيلات، لكن المشكلة -وأنا قمت بالتحرى عنها وأنا فى خجل أن أقول ذلك- إنه بعد محاولة اغتيال مبارك التى نجا منها فى أديس أبابا، وضعنا اللوم كاملاً على زيناوى، وقال لى «والله لا أعرف عنهم شيئاً، فهم مجاهدون إسلاميون ومضرون لإثيوبيا، وأسفنا لمحاولة الاغتيال على أرضنا ولكن المشكلة أن بعضهم وعدوا الرئيس مبارك أن يأخذوا بثأره وأن يؤدبوا إثيوبيا فحدثت 3 محاولات اغتيال شخصى لى».

■ ما المطلوب وشكل الرؤى وكيف؟

– أعتقد أن ما نحن فى حاجة إليه أن يأتى أحدهم ببرنامج لما هو عاجل وداهم، وأولها الأمن وتشغيل الطاقات الموجودة المعطلة، ومشكلة الطاقة، ونريد برامج طويلة المدى بطريقة مختلفة.

■ هل تقصد أن هذه البرامج برامج حكومات وأحزاب وليست برامج رؤساء؟

– علينا أن ننسى كل المشروعات السابقة، لا نحتاج الآن إلى مشروع مرشح، بل نحتاج إلى مشروع وطن، وهو مشروع صالح لوطن ويلقى إجماع أمة، ثم يتنافس عليه المتنافسون أيهم أقدر على تحقيقه.

■ أستاذ هيكل.. قبل أن ننتقل إلى الداهم والعاجل كيف تصنع الأمم برامجها؟

– أريد أن أقول إنه باستمرار لا يوجد مرشح يقدم بنفسه برنامجاً، لكن عادة كل مرشح يتقدم على برنامج حزبه، ويقول «أنا الأقدر على تنفيذه، وأنا المرشح للتنفيذ وقد اختارنى الحزب للتقدم وائتمننى على تنفيذ برنامجه».

■ إذن، مطلوب من الرئيس الجديد أن يجمع العقول من أجل هذا؟

– أريد أن أقول أمراً ما، وقلته مبكراً، وما أثار المناقشة أنك سألتِ أننى أقوم على برنامج، وقلت لا أكتب فضلاً عن أنه لا يحتاج كلا المرشحين لبرنامج، نحتاج شيئاً آخر، أن ننظر إلى المشاكل والقضايا والمهام ثم نكتب برنامجاً لمصر، وليس للسيسى أو «صباحى».

■ لكن المشير السيسى تجربته السياسية محدودة وتجربة إخراج برنامج أو إنتاج رؤية؟

– كل منا لديه تصورات عامة على سبيل المثال، أظهرى الانحياز لمن فى إطار العدالة الاجتماعية وانحيازك الديمقراطى وانحيازك للحريات أين؟ وكيف تتفهمين الشباب، كل منا يستطيع وضع رؤيته ومشاعره وآماله، لكن ببساطة لا يمكن وضع برامج.

أعذر «حمدين» عندما ينتقد دعوة «السيسى» للشعب لمشاركته فى «الحِمل».. فالمشير لديه قوة ناشئة عن تجربة معينة شاهده فيها الناس وقادر على اقتحام الأزمات

 

■ هذه الرؤى والأفكار يجب أن يفرق فيها الرئيس كما ذكرت بين العاجل والداهم؟

– أولاً يتحدث عن أهليته للتقدم للمسئولية، ويقدم رؤية سريعة لما يتصور مقدرته على الالتزام به فى هذه اللحظة، وقد اقترحت هذا وكان الرأى أن يضع البرنامج أناس من اختصاصات مختلفة، أعتقد أننا فور انتهاء الانتخابات أهم مهام الرئيس المقبل أن يرتب لمؤتمر حقيقى للمستقبل والأمن القومى. كل مصر رغم ما شهدته من تجريف وهجرة كبيرة، ما فعلوه بالعقل المصرى كارثى، التسطيح الذى كان موجوداً، نوع الناس نفسها، لا يمكن أن يعمل أحد فيه، صحيح العقول المهاجرة ليس ممكناً أن تعود، لكن بالإمكان أن يأتوا فى إطار استشارى، فنحن بحاجة إلى الاتصال بالخارج، الخديوى إسماعيل ومحمد على استعانوا بخبراء أجانب.

■ نحتاج أن نقف عند أسوان.. ماذا أقلقك؟

– هناك أشياء كثيرة جداً تغيرت، ولا بد أن نفرق هنا ونحن نتحدث بين العاجل وغيره، هناك أشياء كثيرة تغيرت، بناء سد أسوان الأول ثم السد العالى هناك قلقلة حصلت للنوبة، وهناك مشروعات لاحتواء النوبة وهذا جيد، وثمة تناقضات أيضاً، وهناك من يلعب على هذه التناقضات، أرى ذلك، وسفارة هولندا اليوم أخرجت قاموساً باللغة النوبية وهذا شىء غريب.

■ هل تركن لنظرية المؤامرة؟

– دعينى أكمل هذا، ما هو العاجل، وهنا نحن فى مشكلة تستحق الدراسة وتتراكم عناصرها، وتحتاج برنامجاً، لكن حصل أن هناك نوعاً من الرخاء السياحى يغطى على التناقضات، وهناك بعض الأحوال يكون فيها الرخاء بمثابة ملاءة تغطى.. هناك مفرش كبير وسحابة حول المشاكل، لكن المشكلة الآن ونحن نتحدث عن أزمة أسوان لا بد أن نبحث عن العاجل والآجل، فأهل النوبة لا ننكر أن لديهم مشاكل تحتاج للنظر، لكن العاجل هنا أن السياحة توقفت والبلاد متوقفة منذ 3 سنوات، من كان لديه مدخرات انتهت، ومن كان يبحث عن العمل ويتم استيعابه فى السابق لم يعد هذا ممكناً، والمحافظات التى تطل على شواطئ البحر الأحمر كانت تستوعب أيضاً أعداداً كبيرة من الشباب، والآن مع تراجع السياحة طردتهم، وبالتالى الرئيس المقبل عليه مسئولية العاجل.

■ مرشحا الرئاسة حتى هذه اللحظة ليس لديهما ظهير سياسى واضح.. مثلاً المشير السيسى لا يوجد لديه حزب و«صباحى» حزب الكرامة ضعيف.. كيف يختار الطاقم؟

– فى أوقات الأزمة، تستدعى كل من تجد فيه أهلية العمل فى هذه الظروف، كل الحكومات فى هذه الأوقات استجلبت أقوى من لديها، المشير السيسى مثلاً ليس له ظهير سياسى، من أين يخلق ظهيره؟ ظهيره نوعان، وحتى اليوم الجماهير رأت أمامها رجلاً قادراً على فعل أشياء لكنه تحت التجربة، ولابد أن يأخذ فرصته كاملة، لكن أريد أن أقول شيئاً، من سيخلق الجماهير هو قدرته على الاستجابة للتحديات المطروحة أمامه وأمامهم، وأولها خطابه العام واختياره لمعاونيه وتحديده لمهامه. وأنا أعتقد أنه بهذه العناصر يمكن أن يخلق ظهيراً سياسياً قوياً.

■ وماذا عن المشير السيسى؟

– السيسى ليس له حزب مدين له بشىء، فهو جاء من القوات المسلحة، فى الرئاسة المقبلة على سبيل المثال سيحكم منذ اختياره لطاقم عمله.

■ لكن خياراته ليست واسعة؟ لأن هناك تجريفاً عالياً؟

– هذا صحيح، هناك تجريف عالٍ، وأعتقد أن أى رئيس منهما سواء «صباحى» أو «السيسى» سيأتى بمجموعة من الناس عرفهم فى مختلف الأمور، وتعرف عليهم فى مرحلة التجربة، وأعتقد أن الناس المشاركة فى تحقيق وكتابة برنامج التنمية سيكونون من الموجودين فى أى حكومة يؤلفها حمدين صباحى، ومستعد أتصور بعض العسكريين سيكونون موجودين فى طاقم السيسى.. وهذا منطقى.

■ لكنه مزعج للبعض وبالأخص للشباب؟

– قد نطلب من كل مرشح أن يتفهم قضايا الشباب وأن يفسح مجالاً لهم، على سبيل المثال، لو قلنا «صباحى» وصل لسدة الحكم، فهذا يعنى أنه سيستعين بعدد من شباب التيار الشعبى، وهم موجودون فى بعض المراكز، لو تصورنا المشير السيسى فسيستعين بشباب تمرد، لأن المرشحين لديهم الشباب قضية، وأمامهم من العناصر الشبابية المتاحة.

■ لكن لدينا مشكلة مع أهل الثقة.. أيام مرسى مثلاً كان أهل الثقة من الإخوان؟

– لا أريد أن أدافع عنهم لكن فى هذا الوقت استعانوا ببعض الخبراء.

■ هل من مهام الرئيس العاجلة إصلاح المؤسسات.. هل يسهم هذا فى خروج فكر منها؟

– إصلاح المؤسسات جزء من البرنامج، أخشى أن أقول لك وأنا أتحدث عن عبدالناصر مثلاً، الجهاز الحكومى الذى يصفه الببلاوى بأنه يمنع سقوط الدولة ويمنع نهوض المجتمع، لأنه جامد، هذه مشكلة كبيرة تحتاج لبرنامج لمواجهتها، حتى عبدالناصر عندما جاء وعاصر هذا ماذا صنع؟ والجهاز الحكومى وقتها كان أقل من نصف مليون.. اليوم بلغ 6 ملايين، وبالتالى الانتقال خرافى، وقتها قال إن هذا الجهاز الحكومى لن يستطيع أن يفى بالمطلوب، فتجاوز الجهاز الحكومى وأنشأ شيئاً سماه المجلس الأعلى للخدمات والأعلى للإنتاج، وجاء بحسين باشا فهمى وزير المالية قبل الثورة وأسند إليه الأعلى للإنتاج لتولى تنفيذ المشروعات المعلقة والمطلوبة من الناس حتى من قبل الثورة، فأنت خرجت خارج الدور التنموى للدولة.

■ هل تقترح على المشير السيسى أو الرئيس المقبل أن يتجاوز الجهاز الحكومى؟

– عليه أن يفرق بين العاجل والمهم، الأول عاجل داهم، لا بد أن يعالجه بفريق عمل يمتلك قوة فعل وعمل.

■ ما أهم المؤسسات التى يجب أن يفكر الرئيس الجديد فى إصلاحها؟

– هذا البلد لديه مشكلتان، أولاها أن البلاد كلها مصابة بحالة انزلاق غضروفى، ليس هناك مؤسسة موجودة فى مكانها، كل فقرة من فقراتها خرجت من مكانها، ولا توجد أى مؤسسة فى الدولة تقوم بدورها الطبيعى، سأبدأ بالإعلام، وأنا أعتقد أن المجتمع يعيش بين أمرين، عالم قضائى بالنهار وآخر فضائى بالليل، النهار محاكمات وترحيلات ومظاهرات، وشاهدت أحدهم حكم على 500 واحد دفعة واحدة بالإعدام.. وناقشت أحد رجال القضاء وقلت له ما هذا؟ وكيف حدث؟ وعندما نتحدث ونعلق تقولون لنا إهانة القضاء. فقال «ابننا هذا -يقصد القاضى- أستطيع فهم ما وصل إليه، هو وجد الدليل بلا مناقشة على وجود جريمة بشعة، لكنه وجد الجريمة شائعة، إما أن يحكم ببراءة الجميع أو يحكم بإدانة الجميع، فرأى أنه من ناحية معنوية يحكم بإدانة الجميع، عارفاً أن ثمة مرحلة أخرى فى التقاضى».

■ عندما تحدث المشير السيسى فى خطاب الترشيح وقال «لا أستطيع أن أفعل هذا وحدى لكنى أحتاج إلى الناس معى» البعض انتقده مثل حمدين صباحى؟

– أنا مستعد أن أعذر حمدين فى أى كلام ممكن يقوله، وأريد أن أقول إن المشير السيسى لديه قوة معينة ناشئة عن تجربة معينة، شاهده فيها الناس، وقادر على اقتحام مشكلة بعينها، لديه تحدٍّ كبير كيف يعطى الأمل؟ لقد أظهر الإرادة، لكن كيف تعطى الأمل؟ وأعتقد أن الأمل يعطَى عن طريق الحقيقة وليس عن طريق أى شىء آخر، ليس عن طريق التمنى أو الدعاء، وأرى أن أولى مهامه أن يعطى البلد صورة عن الحقيقة، وصورة عن الإمكانية فى الأمل، لكن هناك مشكلة عند الناس أولها أن صبرهم نفد، وصبرهم اختُبر، والشىء الثانى أنهم فقدوا الثقة بشكل أو بآخر، ونحن مثلاً نتحدث أن الشباب هناك نوع من العدمية لديهم أصبحت موجودة تخيفنى جداً، أنا لم أعد حريصاً على شىء، ليس لدىّ ما أخسره، وأفكار الطفولة اليسارية والأناركية كانت موجودة فى أوروبا فى الستينات، كلها نتيجة أن الناس لسنوات طويلة لم تعد تجد طريقاً، وكأن الطرق إلى المستقبل سُدّت، كيف يمكن أن يستدعى همم الناس؟ فى اعتقادى أنه ممكن إذا أحسوا بالصدق.. مثلاً بعد 67، البلاد كلها كانت فى حالة رعب، ولا يمكن أن تتخيل كيف الصورة؟ متى صفق الناس لخطاب عبدالناصر؟ عندما قال «نعم لقد هزمنا».

■ مشاوراته الأولى؟

– إلى الآن يعقد مشاوراته فى «المقاولين العرب»، وأنا أرفضها تماماً، ولست مقتنعاً بها، وعليه أن يجرى مشاوراته إما فى مكتبه أو فى أى مكان آخر رسمى بعيداً عن «المقاولين العرب»، ولست متحمساً لوجوده فى كل هذه الأماكن بهذه السرعة، سيُستهلك سريعاً، لست مستعداً أن أقبل فى حقه استهلاك الرجال بهذه الطريقة، وأخشى أن يستهلك نفسه، فقد ترك أسوان فاشلاً، ونحن لدينا هواية «قتل الرجال».

 

الوطن

أخبار ذات صله