fbpx
بين الشاعرين أحمد محسن الوحيري وسالم عبدالله البكري

بقلم | د . علي صالح الخلاقي

الشاعر أحمد محسن الوحيري من مواليد 1859م تقريباً, في قرية آل عَمْر, في لبعوس. اشتغل في مطلع شبابه في تجارة السلاح في بني بكر, ثم سافر إلى حضرموت وعُمان ومكث فيهما 18عاماً. عاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه, ثم سافر مرة أخرى إلى حضرموت والتحق في جيش الدولة القعيطية لمدة 24عاماً. ثم عاد إلى يافع وتحمل مسئولية شيخ الناصفة لمكتب لبعوس( شيخ لبعوس – السيل). وقد كان ضمن المتطوعين لطرد عساكر الإمام من الشعيب. تميز بالشجاعة والحكمة والأمانة والمصداقية وتبادل الرأي في القضايا اليومية وفي المشاكل التي واجهتها المنطقة.وكان مرجعية في العرف وأسهم في حل الكثير من القضايا والمنازعات والفتن. له كثير من الأشعار والزوامل, ومعظم مساجلاته مع الشاعر سالم عبدالله البكري. توفي الوحيري عام 1964م.
والشاعر سالم عبدالله البكري، شاعر معروف من هجر – لبعوس. عمل في عدن وتوفي في خمسينات القرن الماضي. له قصائد عديدة معظمها مساجلات مع صديقه الشاعر أحمد محسن الوحيري.
نقدم هنا قصيدة (بِدْعْ) للشاعر الشيخ أحمد محسن الوحيري مرسلة من يافع إلى عدن لصديقه الشاعر سالم عبدالله البكري أثناء فتنة لبعوس, التي قتل فيها الضباعي أثنين من آل عبدالصمد العَمْري بعد أن كَمَن لهما في “نُوبة” في وادي ذي حور , وقد أخذ آل عبدالصمد بالثار, إذ كمنوا في نفس “النوبة” وقتلوا شخصين من آل الضباعي, وقد استمرت هذه الفتنة 16 عاماً وانقسمت فيها لبعوس إلى نصفين, الهجر وآل ذي حور طرف, وآل عَمْر وسِيَلْ لبعوس طرف آخر. ولأن بيت البكري وهو من الهَجَرْ يقع بالقرب من بيوت آل عَمْر فقد كان نقطة تجمع للمناوبين” الرُّتبة” والقصيدة نموذج للقصيدية اليافعية التقليدية في الاستهلالة وفي وصف الطريق ثم الدخول في الموضوع والخاتمة, ونجد الشاعر يذم الفتنة ورمزها(النُّوبة) وهي الصومعة التي يتناوب فيها الناس للحراسة أو الترصد للخصوم, ويتمنى الشاعر أن تخرب من أساسها أو تقتلعها الرياح. يقول الشيخ الوحيري:

يا الله قرعنا بابك, يا مرتفع حجابك

نلوذ في جنابك, يا عالماً بالحاله

يا من بتسمع قولي, عسَاك تقبل سولي

يشفع لنا الرسولي, ذي بلَّغ الرساله

صلوا على المشفع, ثلاث ميه وأربع

ذي نوره تشعشع, ذي كلَّم الغزاله

قال ابن محسن أحمد, كم لي سهر وبقهد

تي مثل ذي هو أرمد, من وقتنا ذا وأهله

من وقتنا ذا الخايب, لا شِرْتْ حَدْ عالصَّايب

يسخر وردَّك عايب, كنَّك نهبته ماله

كم با تجس آتحاسب, والكيل عالشواجب

بعد الوفاء ما واجب, يحَمِّلك فساله

والفي صلاة ربِّي, على النبي ذي نَبِّي

هو ذي سكن بقلبي, تغشى محمد وآله

يا مُرسلي با كُدَّك, واحذر لشي يردك

لو أنت وافي عهدك, تبلغ الرساله

واسْرَح وقل يالمحضار, ويا أهل بيت الهدار

واجب تزور مقدار, لا أنته تبي السِّهَاله

لا سرت من بيت أحمد ,بكَّرت يوم الأحد

من نظمنا تأكَّد, وسَاعف الجَمَّاله

وان زُرت ذي بالقبه, اجْزَعْ ذراع ظَبَّهْ

وا تِخْرُجْ المثُوبه, تشوف بيت الدوله

عالمحجبه با تظهر, وحُصن فضل آيظهر

حيَّاه لا تِحَكَّرْ, والنوبه القتَّاله

فيها الحنش والأبتر, يهُون لا تعَكَّرْ

في الشعيب اتخبَّر, من ذي فعل فعاله

والمَحْجَبَهْ بيت الدَّم, أخوه سواء وابن العم

رجال ما بتندم ,ذروة علي بَذَّاله

وشيخهم بالحَوْطَهْ, يسوطهم سواطه

وان حد سرف يحطَّه, ما يكسب البَطَّاله

واعْبُر يهر واتخَبَّرْ, فيها عُويلة حِمْيَرْ

يتقطَّعوا بالمَهْذَرْ, لا شاف شي دعوى له

واجْزَعْ طريق الجَلَّه, أُوبه تقع بك غفله

والداعري لا بَلَّهْ, يتقطَّع الوصَّاله

بَعْدَا لعا تتخبَّر, مُرّ الطُرق وَتْنَهْجَرْ

دوله وعنده عسكر, ما يقبل الفضاله

ومُرّ لحج اتوكَّل, ذي دربها مُقفل

والخيل فيها يصهل, والعبدلي به دوله

والرِّيْلْ سَبَّر صايح ,والعُمر به متلايح

وخَلّ زادك ناجح, وقَبِّضَهْ نَوَاله

لا قَنْتْ بالمُعلا ,رَيِّضْ وقلبك يِسْلا

خُذ لك من المُغَلاَّ, وشرِّع السِّهاله

وان قَنْتْ بالتواهي ,فاقصُد لك المقاهي

وتْقَهْوْ قهوة شاهي, سُكَّر من الفنجاله

وانشد على ابن البكري ,وبا يجيك يجري

صباح وقت الفجري, مسكين خاب حاله

سلِّم عليه مليون ,يملأ عدن وميون

والشحر وأرض سيئون, من عندنا يُهدى له

ثاني تخُصّ لبعوس,من عند شاعر مهجوس

يتقاسمونه بالكُوس, ويسمعوا ما قاله

لا اتْنَشَّدَكْ من لَخْبَار,قل بيتكم يشعل نار

طول العشي والإبكار, مُلَصِّي الذباله

وناولوكم كُرْبَهْ, تمسي وتصبُح رُتبه

كنَّك رجعت السُبَّهْ, تقبَّل الحواله

وبيتكم عالصَّبه, والدلو تأخذ سبَّه
ما حَدْ يمَيِّل جنبه, من صاحبه واقرابه

وذي عَبَرْ بالغُبَّهْ, في البحر صادف ضربه

يوم الشمال هَبَّهْ, تكسرين ادقاله

وَتْغَيَّر السُكَّاني, يوم اقبل الطوفاني

يا صاحب المعاني, فكِّر في المثاله

ما هاب جُملة الدَّين, والاَّ انَّه أحمر العين

يا باطلاه عالزين ,يوم انطوى دسماله

ما قايس التراكيب, راعي وينقلب ذيب

ماهل قهي المكاتيب, ما ذيب أَكَلْ عِيَاله

لا رَدَّشْ الله نُوبه, خذتي أربعه مَنْدُوبه

وغارتش مسحوبه, يا مَرْوَحْ الكَمَاله

يا ليت ساسش يخرَبْ, ولا تشلّش لزيب

يا ساحره يا مذيب, تستاهلي جلجاله

لكن عسى الله يخلف, لو كان حد با يعرف

وانْ حَلَّفوني بَحْلِفْ, مانا شجن لا طاله

ذا ذي حصل من عندي, سلام لك بالكندي

ملان مركب هندي, يبلغ مع الوصَّاله

شاخص وبه ماوردي, لا عندكم يتودِّي

سلَّمت في ذا نقدي, كُلاً بيحسب ماله

صلوا على المشفع, ثلاث ميه وأربع

ذي نوره تشعشع, ذي كلَّم الغزاله

جواب الشاعر سالم عبدالله البكري
——————————

ابديت بك يا سامع, كريم ذي هو واسع

وذي لبابه قارع, بيسمعه وجابه

يا من تسمى رحمن, عسى لنا بالغفران

من ذنبنا والعصيان, نخشاه من عذابه

يا من بتسمع قولي, عساك تقبل سَوْلي

يشفع لنا الرسولي, ذي بلَّغ الرساله

بجاه نور الأنوار, طه الحبيب المختار

شفيعنا من النار, ودعوته مُجَابه

عليه صلَّى الباري, بالليل والنهاري

وما بيقرأ القاري, وما كتب كتابه

ها بعد يا ذا الطائر, قم شل خطِّي باكر

من خيرة البنادر, عدن وله بوَّابه

اسْرَحْ من التواهي, شل الكتاب الباهي

لا حد يقول ساهي, سالم عجي جوابه

وَتْمَشّ لك يا الصاحب, على التِّرِيكْ اللاهب

وشُفْ على عجائب, يلصوه في لبابه

يقرع وعادك واقف, هذا التريك اللاهف

كالبرق لا هو خاطف, من ذي صنع ذا صابه

والعيدروس المشهور, فيها وكمَّنْ مذكور

لهم شرف ومقدور, نياتهم لا طابه

واخْرُجْ ومَرَّيت أيْمَنْ, وبالطُرُق لا تأمن

مَرَاقشه وأهل أبين, لمن جزع ما هابه

واجْزَعْ بأرض لَجْعُود, ذي لَدَّدُوا بِلَزْيُود

وَتْشَاربُوهم يا عُود, بارواحهم جلاَّبه

تقدومهم عُمر سيف, حيَّاه مُكرم الضيف

تحجر له البيض الهَيْف,ذي جاد هو وأصحابه

ومروحك لا يافع, ذي عادهم شوافع

نجم العفيفي طالع, وأرضهم مُهْتَابه

ومروحك لا لبعوس, أهل الشَّنَعْ والنَّاموس

ذي يكسبُون المَخْمُوس, ما يحملوا غُلابَهْ

وبعد با تتنشَّد, على الوحيري أحمد

ذي كلمته ما تُنقد, خُصَّه بريح اطْيَابه

خُصَّهْ بعطر عُودي, يجلب من الهنودي

جُمله بلا عدودي, ما يحتمل كتابه

رَعْنَا وقعنا المَنْقَعْ, وأنتوا وقعتوا المَرْدَعْ

وصاحبك ما يسمع, محتاز خلف اشعابه

ذي ناولونا الكُربه, قلنا اثبتوا للرُّتبه

وصاحبك من حُبَّهْ, سيتوا عليه حجابه

ويش با نسوِّي ذلحين,يَهْلْ البصر والتكوين

لا زرَّبوا على الطين, من قبل ذا واعْتَابه

والمركب المُخَيَّرْ, في بحرها تكَوَّرْ

ليت الحذير حذَّر, والاَّ انَّها غُلابه

والجرملي خَذْ الميل, خَذَهْ بغزوة الليل

لا هو بدفرة السَّيْل, ويش أأمَنْ الصَّرابه

خَذْ دَيْن جاير مَجْبُور, من حَبْ صافي مَعْبُور

واليوم ما شي مَخْيُور, لا كِيْل من جرابه

وللضباعي مقدار, وله دُخُل ومعشار

وهو مثيل التنكَار, يدفون في ثيابه

يا أحمد في المشاير, وشور كَمَّن باير

عميِّه البصاير, ما حد حزر بأصْوَابه

زمان كانوا عُرَّاف, وبيحكموا بالإنصاف

وللمخُوِّه طوَّاف, والعيب ما يرضوا به

كانه رُكَبْ للمَحْضَرْ, ما يرضأوا بالمُنْكَرْ

وان حَدْ سِرِفْ له مَخْطَرْ, وان ما عَرَفْ عذابه

واليوم هَبَّه لَبْطَال, ولْعَاد سُبُلْ ولا اسْبَال

والناس جُمله عُقَّال, والمَعْقَلَهْ كذَّابه

على الوَسَخْ بيجرون, وبالعُتَلْ بيبنُون

ما عاد با يصِحُّون, وان صَحْ سي شرابه

ما حَدْ بنى على ساس, ولا قطع بمقياس

والاَّ الحطب له الفأس, ما هو عَجِبْ قرّابه

ذا ذي حصل والحُملان,لا شي بهرجي نُقصان

ماهل سلا أحيان أحيان, وأحيان في لَتْعَابه
————-
(من كتابي – أعلام الشعر الشعبي في يافع)