fbpx
أجراس الحرب النووية تقرع .

كتب/علي عبد الله البجيري

فشل ذريع للدبلوماسية الدولية في تجنب التصعيد العسكري في الازمة الروسية-الأوكرانية، فالهيمنة الامريكية لم تتيح الفرصة لوجود أطراف دولية محايدة يمكنها ان تلعب الدور الدبلوماسي المحايد بين اطراف الأزمة.

لذلك فإن ما نشهده اليوم للغزو الروسي للأراضي الأوكرانية ما هو الا تحصيل حاصل لسياسات وصراعات الدول الكبرى، خاصة الصراع الأمريكي-الروسي، والتي جعلت من الأراضي الأوكراني مسرحا لذلك الصراع.

لقد شهدنا منذ نهاية القرن العشرين الغزو الأمريكي للعراق وسبقه الغزو السوفيتي لافغانستان من ثم الاحتلال الأمريكي لافغانستان والتدخل الأوروبي الأمريكي لتدمير ليبيا، وحرب تقسيم سوريا.

والسؤال لماذا كل هذه الحروب والصراعات؟ وجوابا على ذلك يكمن في تداخل المصالح الدولية لاطراف الصراع، لاسيما وان أمريكا تشعر بفشل هيمنة قطبها الأوحد في النظام الدولي طوال الثلاثين عاما الماضية، ونفير العديد من حلفائها لتدخلها في شؤون الاخرين، تلك السياسات التي جعلت العديد من البلدان ضحايا لتحقيق مصالحها دون مراعاة لاحترام السيادة ولا أحكام القانون الدولي.
لقد اضطرت روسيا اللجوء الى الضربة الاستباقية لحماية امنها القومي من تهديدات حلف الناتو الذي يسعى إلى نصب منصات صاروخية على الحدود الروسية، فبالرغم من كل التهديدات الامريكية والاوربية التي انطلقت من كل حدب وصوب، محذرة الكرملين من العواقب الوخيمة فيما اذا لم تنصاع لها، إلا أن موسكو مضت فيما خططت له دفاعا عن أمنها القومي وسلامة اراضيها. والسؤال هل وضعت القيادة الروسية التداعيات المحتملة لغزو دولة جارة ذات سيادة تربطها بها علاقات تاريخية وثقافية ومصالح مشتركة؟

من حق أوكرانيا إختيار شركائها وحلفائها الاستراتيجيين، باعتبارها دولة مستقلة، إلا أنَّه كان عليها أن تراعي دواعي قلق جيرانها وأمنهم القومي، وان لا تنغر في وعود حلفائها من الأمريكان ودول الناتو بحمايتها من اية تهديدات روسية.

هكذا خسرت اوكرانيا واصبحت في الميدان لوحدها تواجه جبروت الدولة الروسية، لأنها لم تجد من حلفائها سوى بيانات التضامن والتنديد والشجب مع حزمة من العقوبات الاقتصادية والمالية . وهنا لا يمكن المقارنة بتاً بين قدرات الجيش الروسي والجيش الأوكراني، كون قدرة موسكو على تحقيق مكاسب ميدانية سريعة، بما فيها القدرة على تغيير نظام الحكم، أمراً ليس صعباً. ومع ذلك فسوف لن تلجئ موسكو الى ذلك الموقف، لكنها ستعمل متعمدة إلى تحقيق أهداف سياسية سبق أن أفصحت عنها، تتمثل في ضمان الأمن القومي الروسي في إطار الأمن الأوروبي الأوسع، أي منع تواجد قوات حلف « NATO » في حدودها الغربية، وعدم انضمام دول أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا إلى حلف الناتو، على أن يكون ذلك في إطار تعهد ابدي وبضمانات موثقة قانونا.
إذن ماهو الهدف الذي تسعى اليه روسيا في ظل هذه التعهدات ؟

كما يبدو فأن روسيا تريد ان تصمم بنية أمنية أوروبية جديدة، وتوسيع نطاقها الجغرافي والسياسي بما يتوافق مع ما كانت عليه أيام الحقبة السوفيتية. وتحقيقا لذلك فان موسكو ستواصل ضغطها العسكري على أوكرانيا لتحقيق أهدافها وتأمين وجودها.

التطور الخطير في هذه الازمة هو إعلان روسيا عن وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب قصوى، وهذا مؤشر خطير جدا.
فإن لم يكن ذلك ضغط سياسي، فالواضح أن العالم يتجه نحو حرب نووية تكتيكية وربما لاحقا حرب نووية استراتيجية وهنا تكمن الكارثة على كل البشرية .
الإعلان عن استنفار نووي روسي يغير المشهد الى صراعات التدمير الشامل . والتاريخ ليس ببعيد حينما استخدمت أميركا السلاح النووي لأول مرة في التاريخ عام 1945ضد مدينة هيروشيما اليابانية، ثم تلتها قنبلة أخرى على ناغازاكي، على إثرهما قتل ما بين 150 ألف إلى ربع مليون إنسان في نتيجة مباشرة للقصف المدمر لهاتين القنبلتين النوويتين.

خاتمة المقال .. العقيدة الروسية النووية تسمح باستخدام السلاح النووي فقط في حالتين
الأولى.. عندما تكون الأمة الروسية في خطر وجودي.
والثاني ..لوقف التصعيد الشديد جدا على جيشها وهوا ما يسمى لوقف التصعيد العسكري التقليدي.