fbpx
هل بدات خيوط الارهاب تنسل من ايدي حكام صنعاء ؟

ملف الارهاب والقاعدة في اليمن ملف شائك وفي غاية التعقيد، ويطرح تساؤلات كثيرة، فبعد سيطرة تنظيم انصار الشريعة لاكثر من عام على اجزاء واسعة من محافظة ابين الجنوبية، إثر تسليم المحافظة له بما فيها من معسكرات وسلاح خلال العام 2011م  تعرض التنظيم لانتكاسة كبيرة اثر الهزائم التي الحقتها به اللجان الشعببة في لودر ومودية، لينسحب من عاصمة المحافظة ومدن اخرى باتفاق مع سلطات صنعاء قضى بانسحاب التنظيم الى مديرية المحفد في ابين وعزان في شبوة على ان يتم نقل بضع مئات منهم الى سوريا عبر تركيا للقتال هناك.

المجموعات التي توجهت الى المحفد وعزان وميفعة وغيرها خرجت بقوافل كبيرة تجر اسلحتها الخفيفة والثقيلة لتقيم معسكرات في تلك المناطق يبدو انه قد تم الاتفاق عليها ضمن صفقة الانسحاب من زنجبار، وطوال الفترة الماضية ظل المعسكران الاكبر في المحفد وعزان مأوى وملاذا لعناصر القاعدة على مراى ومسمع من الجميع، دون ان يتعرضا للقصف او الاستهداف حتى من الطائرات الاميركية. التي لاتريد القضاء الكامل بشكل تام خدمة لسياساتها الداخلية والخارجية.

فيما اراد حكام صنعاء الجدد تسجيل انتصار اعلامي ولو عن طريق اتفاق سري مع الارهاب ، فيما استخدم التنظيم تلك المعسكرات كقواعد لاعادة ترتيب صفوفه والتدريب واستقبال المجاهدين من كل مكان، كما كانت ملاذا آمنا لكبار قادته.

مايجب ان نعرفه جيدا ان تنظيم القاعدة في اليمن يحوي ثلاثة اجنحة او اكثر ليست على توافق فيما بينها بشكل تام، فهناك المجاهدون من بقايا الافغان العرب ومن امثالهم خالد عبدالنبي ومن معه وأولئك في غالبيتهم قد عقدوا اتفاقات ولهم مصالح مع صنعاء تارة ومع من فيها من حكام وامراء حرب على شاكلة المخلوع صالح وقرينه علي محسن وغيرهم تارة اخرى وقد انخرطوا في مصالح متشابكة تحكمها الاموال والسياسة ولبعضهم خطوط ساخنة مع واشنطن وغيرها.

ومن القاعدة جزء يتبع مباشرة جهاز الامن القومي واجهزة استخبارات عربية ودولية وابرزهم الضابط في الامن السياسي اليمني ناصر الوحيشي، اولئك قد لاتعلم عنهم قواعدهم شيئا من ذلك وهم يعملون على اصطياد المجاهدين الشباب وتوظيفهم حسب مايريده الريموت كونترول الذي يدفع المال والسلاح ومصدره صنعاء فيستخدمون لاجندات مختلفة دون علم منهم في كثير من الاحيان.

ومن القاعدة ايضا جزء آخر وهو الاخطر، هؤلاء تشكيلات مختلفة من المجاهدين الاصغر سنا الذين تجذبهم رائحة الجنة وحور العين، وهم الاخطر والاكثر تشددا، وهم المستهدف الاول من مايسمى الحرب ضد الارهاب.

تلك الحلقات تتشابك فيما بينها باساليب مختلفة وينتج عن ذلك الكثير من الخلافات فيما بينها، كما تنتج عنها عمليات ارهابية دموية في اماكن شتى.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة من خلال الاحداث الاخيرة هو لماذا الآن؟ مالذي دفع بالقوات الاميركية وتيار عبدربه هادي لمهاجمة معسكرات القاعدة المسكوت عنها والمعلوم مكانها وماتحويه منذ زمن؟

باعتقادي توجد عدة عوامل دفعت لهذه الحرب رغم عدم رضا صنعاء ومعظم امراء الحرب فيها عن هذه الحرب كحزب الاصلاح وعلي محسن الاحمر وغيرهم من اصحاب السيطرة الفعلية على مقاليد باب اليمن.

من اهم تلك العوامل التسجيل المرئي الاخير الذي اصدره الوحيشي من ابين وهدد فيه بهجوم وشيك داخل الولايات المتحدة الاميركية واستعرض فيه قوة التنظيم واسلحته، وهو مادفع بالولايات المتحدة الى شن حرب استباقية عملا بعادتها في اخذ كل الامور والتهديدات على محمل الجد.

فيما يتعلق بالجنوب فان جذوة الارهاب تم جلبها اليه في بداية تسعينيات القرن الماضي تمهيدا لغزو الجنوب واحتلاله مقابل وعد بالحصول على ابين ارض الميعاد بالنسبة لهم

ومنذ ذلك الحين يتمتع اولئك بميزات خاص توفرها لهم قوى الشر في صنعاء بعد ان كانوا القوة الضاربة في غزو الجنوب واحتلاله ومن تلك الميزات رواتب لكبار قادتهم وميزانيات شهرية فيما تم ضم الالاف منهم الى الجيش اليمني والمليشيات التابعة لصنعاء برتب مختلفة .

اذا ما الذي يحصل الان ؟ في اعتقادي ان مايحدث من حرب خلال الاسبوعين الماضيين يعد بمثابة انهيار للعلاقات بين حكام صنعاء واجهزتهم المختلفة وبين القاعدة والتنظيمات الجهادية الاخرى، لكن مايجب ان نعيه ان هذه الحرب تلقى معارضة شديدة من اهم مراكز القوى مثل حزب الاصلاح والجنرال على محسن الاحمر وغيرهم، فيما يبدو ان هادي ومن معه ومن يقف وراءه قد قرروا هذه المرة الخروج عن الطاعة ولو قليلا تحت وطاة الضغوط الاميركية والسعودية التي قدمت خطة جاهزة اشركت فيها وحدات يمنية في الحملة التي تقودها وتنفذها واشنطن والرياض.

عبدربه هادي الذي يطمح للاستمرار في السلطة باي ثمن يبدو الان انه واقع بين فكي كماشة، محاولا قدر الامكان تنفيذ اوامر الطرفين الخارجي والداخلي، ففي حين اقدم على المشاركة في هذه الحرب مجبرا خاصة بعد ان سببت هجمات القاعدة الاخيرة وتسجيلاتها المصورة حرجا كبيرا، ولكي يتقي غضب الاسياد فقد بادر بالايعاز الى المشايخ والاعيان في كل من ابين وشبوة للتوسط لدى قادة القاعدة والضغط عليهم ليقبلوا بالانسحاب والخروج آمنين مطمئنين والانتقال الى مناطق أخرى يبدو ايضا انه تم الاتفاق عليها ضمن الصفقة كما حصل عند الانسحاب من زنجبار وجعار، في حين تعمل الآلة الاعلامية الحكومية على مدار الساعة للترويج لانتصارات وهمية وتضخيم بعض النجاحات البسيطة بشكل مهول، مستخدمين هذه المرة اسم الصبيحي كقربان جديد تلصق به كل الافعال وليكون كبش فداء جديد يقدم للقاعدة بعد تصويرة على انه راس الحربة في الحرب ضدهم، كما حدث مع سالم قطن قبل ذلك.

وللحرب في هذا التوقيت مآرب أخرى سياسية واقتصادية واعلامية، لكن الاكيد ان عقد الشراكة بين صنعاء والقاعدة قد بدا بالانفراط وسينتج عن ذلك احداث واحداث .

الايام والاسابيع القليلة القادمة حبلى بالكثير من الاحداث فلا القاعدة ومن معها سيسكتون عن ماحدث لهم، ولا امراء الحرب سيغفرون لهادي ومن معه من المليشيات التي يعمل جاهدا على تقويتها محاولته شق عصا الطاعة واخراج قدمه من المربع الذي رسم له ليتحرك بداخله دون مساس.