fbpx
الثورة وفن الممكن ..؟

ما مضى من تعثر وفشل ثوري تسبب به قيادة الحراك طوال تسع سنوات منذُ إنطلاق مسيرة الثورة كفيل بأن لا يُكرر الشعب مثيله في حاضر اليوم وفي مستقبل الغد ، وفي هذا يجب على الشعب أن يُغير من واقعه السلبي وأن ينتقل إلى مربع أكثر انفتاحاً على مختلف القوى السياسية الجنوبية بما فيها الرئيس هادي .

واقع اليوم المستجد يتطلب أن يتعامل معه الشعب بحكمة بما يضمن عدم الاصطدام معه ، ذلك أن ممارسة الفعل الثوري الهائج في ظروف كهذه سينعكس سلباً على الجنوب ولن يجني منه الشعب شيء ، وبحكم أن الصراع في اليمن يتجه بشكل سريع نحو تشكّل ملامحه وفقاً لعوامل جغرافية بطابع سياسي ما بين شمال وجنوب فإن في ذلك فرز يجعل من الجنوب طرفاً في الصراع يخوضه ضد القوى في الشمال مجتمعة وممثلة بالقوى الحوثية الانقلابية والقوى العفاشية والقبلية وقد يتحالف معهما جزء من المؤسسة الدينية التابعة لحزب الإصلاح وفي هذا سيكون الحال شبيهاً بحرب (1994م) .

وفقاً لهذا الأوضاع الجيوسياسية الآخذة في التشكّل فإن حتمية وإلزامية الوقوف مع هادي تعتبر مسألة مصيرية غير قابلة للنقاش فيها أو ورود احتمالات الرفض لها ، ذلك أن هادي سيكون طرفاً في حرب باسم الجنوب ضد القوى الشمالية مجتمعة آنفة الذكر ، وهذه القوى لن تخوض الحرب بدواعي شخصية ضد هادي بقدر ما ستكون حرباً يتكرر فيها مشهد (1994م) أي حرباً لفرض واقعاً احتلالياً جديداً على الجنوب تحت مسميات عدة أولها فرض بقاء الفرع تابعاً للأصل حد نظرتهم ، وفشل هادي والجنوب معه في مواجهة المد الحوثي يعني وقوع الجنوب مرة أخرى تحت طائلة احتلال شمالي تراخت قبضته مؤخراً وسيكون هذه المرة بصورة أبشع من سابقتها تتداخل فيه أطماع الساسة وأرباب المال منهم والدين .

حتى الوقوف على الحياد لن يعدو عن كونه إسهام في سقوط الجنوب تحت سيطرة القوى الشمالية ، كما حدث وأن وقفت بعض قبائل الجنوب على الحياد في حرب (1994م) مما عزز من فرص دخول القوات الشمالية إلى عدن ، الحياد في هكذا مسائل مصيرية هو استسلام في غير محله ، ذلك أن لديك عوامل قوة بإمكانك استخدامها تحت حاجة الدفاع عن النفس ، وهذا هو حال الحراك الجنوبي وقبائل الجنوب إذ أن لديهم من عوامل القوة ما يمكنهم من صد أي زحف حوثي في حال توحد قوتهم ومواقفهم مع قوة السلطة في عدن ممثلة بالرئيس هادي .

القوى الجنوبية الثورية ومعها القبائل الجنوبية باتت اليوم بحاجة إلى ممارسة سياسة (فن الممكن) حتى تتناغم في التنسيق مع هادي لمواجهة التحديات الماثلة للعيان ، وتغريد هادي والقوى الجنوبية كل منهم بعيداً عن الآخر سيفتح الباب على مصراعيه للتواجد الحوثي السياسي في أوساط المجتمع الجنوبي لخلق بيئة مساندة له ، ومن ثم التوغل عسكرياً بعد أن أوجد من بين الشعب من يسانده تحت عوامل الترغيب والوعود المستقبلية مستغلاً غياب نشاط القوى المساندة لهادي عن معترك الساحة السياسية في أوساط الشعب والقبائل .

هناك حقيقة وهي أن قبائل الجنوب والقوى الثورية وهادي إن لم يعملوا وفقاً كفريق واحد فإن الحوثي سيدخل الجنوب لا محالة ، ولن تمنعه أياً من القوى الثلاث وهي مفرقة أو تحول بينه وبين دخول الجنوب ، وعلى ضوء معرفة هذه النتيجة سواءً في حال توحدت جهود القوى الثلاث أو تفرقت فإنه من البديهي والعقلاني أن تجنح للعمل تحت مظلة مشتركة حتى تكون العواقب سليمة لا كارثية .