fbpx
شركاء من أجل اليمن / نجيب غلاب
شارك الخبر
شركاء من أجل اليمن  / نجيب غلاب

من المفترض أن يشارك كل أبناء اليمن في التغيير وتعمير وطنهم، فلديهم خارطة طريق واضحة حددت معالمها التسوية السياسية، وإسنادها صار خيارا حتميا، والمجتمع المدني بكافة تكويناته أكثر المستفيدين من التوافق وتأسيس السلام؛ لأن العنف والفوضى ستلغي دوره وسيكون أكبر الخاسرين، وهذا يحتم على تكويناته تغيير استراتيجيتها باتجاه دعم المبادرة الخليجية والدفاع عنها من خلال خلق مبادرات إبداعية لتفكيك بنية العنف والنزاعات والإسهام في بناء مصالحات تاريخية، ودعم التسوية السياسية، فهي القنطرة الأكثر واقعية للانتقال إلى المستقبل.
من يعمل على فتح أبواب الصراعات ويتخبط في فهم الواقع أو يتوه في تنظيرات عاطفية وغاضبة يغيب عقله، وهذا يجعله يقدم قراءات خاطئة لا علاقة لها بحاجات الواقع ومتطلباته، بل إنها تعمل ضد التحول الذي يتحرك برزانة المبادرة الخليجية.
واقع الحال يصرخ بالفصيح أن أي طرف في الساحة لن يتمكن من التغلب على الآخر مهما بلغت قوته، والجغرافيا السياسية لليمن بأبعادها المختلفة وتحولات التاريخ وصراعاته بحاجة إلى بناء إرادة جماعية لتكون بداية لتجاوز الأخطاء وبداية لإعادة البناء الرشيد.
ليكن الجميع شركاء في صياغة المستقبل، لأن الرضوخ للانفعالات يعمق من التناقضات ويزرع الشك والخوف ويقسم اليمن إلى كتل متخاصمة ومتقاتلة، ومن يسعى اليوم في هذه اللحظة الحرجة إلى تعميق الجراح وتقسيم الناس إلى فئات وطوائف وقبائل ومناطق وثوار وبقايا نظام يؤسس للفتنة، في بيئة تحتاج إلى التوافق والتصالح والتسامح، ولا بد أن يدرك الصارخون بالكلام المبجل أن القوى الفاعلة في الساحة أيا كانت لا يمكن إلغاؤها بمشارط انفعالية غاضبة، ولا يمكن إقصاؤها بشعارات غوغائية، فكل طرف له تحيزاته ويمتلك القوة الكافية لمواجهة خصومه.
اليمن يحتاج إلى تحكيم العقل وفهم واقع الحال ومتطلبات اللحظة الراهنة وخوض غمار الحوار الوطني، والكل يتحمل المسؤولية في إعادة بناء الثقة وإذابة الحواجز وتفكيك العزلة النفسية، وعلى الأطراف المختلفة أن تتواضع وتحكم عقلها، فالغرور يقود أصحابه إلى الفشل.
رفع سقف المطالب خارج سياق التسوية، وما أنتجته معارضة واقع الحراك التاريخي لليمن سيكون بوابة لشرور ما زالت أبوابها مفتوحة، ليراهن الكل على الصالح العام وإنجاز التسوية لتدور العجلة وتؤسس للسلام باعتباره المدخل الملح لانتصار وطن أنهكته الصراعات العبثية.

صحيفة عكاظ

أخبار ذات صله