نسمع هذه الأيام كثرة اللغط والتوتر والسخرية وغيرها من الأحاديث وكلها تتحدث بأن علي عبد الله صالح طلب المشاركة في الحوار الوطني اليمني فلماذا هذا الرفض؟ ألم يكن علي عبد الله صالح رئيس اليمن لمدّة 33 عام!، ألم يسلم السلطة سلميا ويجنّب اليمن ويلات الحروب والدمار، هؤلاء الذين يعارضون مشاركة صالح في الحوار الوطني بدعوى إنها حدثت أخطأ خلال فترة حكمة ألم يكونوا شركاء في الحكم، وقد قبل علي صالح التنازل عن الرئاسة وحقن دماء الشعب اليمني ويلبي كل ما يُطلب منه من قبل الرئيس الجديد، وهو رئيس أكبر حزب على الساحة اليمنية ويملك نصف البرلمان والحكومة فلماذا المعارضة على مشاركته في الحوار؟.

إذا تحدثنا بصدق فمن المؤكد إننا نسمع الكلام الجارح لأننا نقول الصدق في زمن قل فيه الصدق، إذا تحدثنا كجنوبيين وشماليين عن الفترة التي حكم بها صالح اليمن فقد حدثت معارك وكوارث كثيرة ونذكر منها ما نستطيع، فإذا نظرنا إلى الأحداث التي حدثت في الجنوب والشمال مع بداية حكم صالح فهناك أكثر من رواية لم تحسم حتى اليوم أما ما حدث في الشمال من حروب في الثمانينيات من القرن الماضي لم يكن صالح الطرف الوحيد فيها فكان طرفها الأول هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح وأحداث الجنوب في الـثمانينيات فقد قام بها علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن أنفرد بتسليم الجنوب والجنوبيين لعلي دون مراعاة الانقسام الحاصل في الجنوب هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح والذي أصر على الوحدة بطريقتها الارتجاليّة والعبثيّة هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن قرر دخول الحرب والبيت الداخلي الجنوبي منشق هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن دخل الجنوب ودمره هم أصحاب علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن أفتى بتكفير الجنوبيين هم أنصار علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن نهب الأراضي في الجنوب وعاث فيها الفساد هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح ومن شن الحروب الستة في صعدة هو علي ولكن ليس علي عبد الله صالح والذي ذبح المتظاهرين هو علي ولكن أعتقد أنه ليس علي عبد الله صالح …. والخ، ولكن لا نعفي علي عبد الله بأنه كان مشاركاً بكل ما سبق أو على الأقل إن بعض ما حدث كان في فترة حكمه، ومن يقف اليوم ضد إرادة الشعب في الجنوب وفي الشمال من هو؟ علي عبد الله صالح ألم يكونوا الثلاثي العلي ومن معهم من الأنصار والمتطرفين.

إذا كنا نرفض مشاركة علي عبد الله صالح نقولها وبصراحة يجب إن نرفض كل من تلطخت يده بدماء اليمنيين جنوبا وشمالا، أنا لست مؤيداً لعلي عبد الله صالح وأنا من أشد الكارهين لحكمه ولا يمكن أن ننسى ما قام به في الجنوب ولا زال إلى اليوم حاقداً على الجنوب والجنوبيين، ولكن نحن كشعب يجب إن نبتعد عن الشعارات الهوجاء التي دمرتنا وجعلتنا من أكثر شعوب العالم جهلا وتخلفا وفقرا،.

صحيح قامت ثورة شبابية في الشمال ولكن من أجهضها هو علي وأصحابه الذين تقاسموا المناصب مع علي عبد الله وأصحابه مقابل دماء الشهداء.

فعلينا إن لا نحاول إن نرمي فشل الحوار على الآخرين لان مؤشرات فشل الحوار واضحة وبالتالي هم يحاولون تحميل هذا الفشل على أي جهة فوجدوا علي عبد الله صالح الجهة المناسبة، نعم هناك شكوك بأن علي عبد الله صالح يدفع باتجاه إفشال الحوار وإن ما يتعرض له الضباط الجنوبيين من اغتيالات هي من صنيعة علي صالح وما يحدث في أبين ومأرب وغيرها من المحافظات في الجنوب والشمال هي من صنيعته كما يقول المتابعين للشأن اليمني رغم قناعتي إنها من صنيعة العليين ولكن طالما ونحن نحمّل صالح كل ما حدث خلال فترة حكمه علينا اليوم تحميل الحكومة الجديدة كلما يحدث هذه الأيام.

ولكن رغم هذا وذاك أنا أعتقد إن الحوار الوطني لم يأتي لمعالجة قضايا الوطن فهو يقوم بالإصلاح بين القيادات المختلفة وتثبيت القيادة الجديدة والتجهيز للانتخابات القادمة وبعض الإصلاحات البسيطة لذر الرماد في العيون.

أمّا القضايا الكبرى فالحوار برئ منها  فقضية الجنوب التي هي أساس أي حوار لم يلتفت هذا الحوار إليها ولا إلى مطالب الملايين من الجنوبيين الذين يخرجون إلى الشوارع ولا الالتفات إلى من يمثلهم على الأقل إلى الآن، فهم يحاولون جر مجموعة من الجنوبيين لإدخالهم في هذا الحوار مقابل مبلغ من المال وبعد انتهاء الحوار من هو في المنفى يعود إلى منفاه ومن كان في الداخل يعود ليستثمر هذه المبالغ أو يستلم منصب في الحكومة وهو كما فعل صالح بعد حرب 1994م ولكن هذا لم يحل مشاكل الجنوب ولا اليمن.

فمع احترامي لشباب الثورة الذين يتهمون صالح بقتل زملائهم أو الإساءة لهم عليهم إن يعلموا إننا معهم ولكن عليهم أيضا أن يدركوا إن من سرق ثورتهم وأجهضها ليس صالح وحده، ولا من قتلهم أعتقد أنه ليس صالح وحده، ومن يدّعي أنه معكم ويبيعكم هو أخطر ممن يظهر لكم المواجهة، فلصوص الثورة يريدون إن يجعلوا من صالح كل شيء حتى يحققوا مآربهم، واعلموا يا ثوار الشمال إن شباب الثورة الجنوبية يدركون إن صالح هو العدو الأول لطموحاتهم ولكنهم رفضوا إن يعلقوا كل شي بعلي عبد الله صالح كما يسوّق لهم البعض بأن صالح ذهب احتلت كل مشاكل الوطن وبسقوط صالح سقط احتلال الجنوب، أن شباب الثورة الجنوبية يدركون أن صالح لم يحتل الجنوب بمفرده ولم يقتل بمفرده ولم يصدر الفتاوي ضدهم ولم ينهب الأرض بمفرده ولم يستولي على الجنوب بمفرده رغم أنه المسئول الأول عن كل ذلك، ولكن حلم الشباب والشعب في الجنوب ليس معلق بمصير شخص ولو كان هذا الشخص علي عبد الله صالح.

سنة سعيدة وكل عام وشعبنا في الجنوب والشمال والأمة العربية والإسلامية بكل خير.