fbpx
كيف خُدع شباب الجنوب بسلفيي الشمال

 

كتب | عارف عبد الكلدي

لا يخفى على أحد أن أكثر المنجذبين لدعوة الشيخ مقبل الوادعي من الجنوب، ومن أسباب ذلك برأيي هو الجهل بالدين الذي كان سائدا في الجنوب. 
عند قادة السلفية مقولة صحيحة عن السلف الصالح استثمروها استثمارا خاطئا، وهي: “من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقه الله لعالم سنة”. 
أما الحدث فخبرته بالدين والحياة مفقودة، ومثله الأعجمي الذي لا يعلم عن الدين شيئا.
وهاتان الصفتان انطبقتا على شباب الجنوب، فأكثر الأحداث في الجنوب كانوا من شبيبة فتاح، وتحت إشراف حزبه الذي رباهم وفق المبادئ الماركسية اللينينية الإلحادية. 
وعلى فجأة من هؤلاء الشباب انهارت المنظومة الشيوعية بكاملها، وهذا شكل صدمة عنيفة لأكثر الشباب، واتجهوا نحو الدين وهو شئ جميل. 
لكنهم اتجهوا إليه بغير خبرة سابقة، فهم من ناحية حدثاء الأسنان، ومن ناحية أخرى نشؤوا في ظل حزب حارب كل مظاهر التدين في مجتمعهم.
وهذه هي سعادة قادة السلفيين لاستقطاب هؤلاء، لقد لقنونا مبادئ التوحيد وأحكام أركان الإيمان والإسلام، ولكنهم خلطوا مع هذه المبادئ السامية تلقيننا الولاء المطلق لهم، والابتعاد المطلق عن كل من يخالفهم، فمع تعليمهم معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله علمونا أنهم الوكلاء الحصريون للطائفة المنصورة والفرقة الناجية، وأن فلان الذي اختلفوا معه ضال مبتدع، والجماعة الذين اختلفوا معها من الفرق الهالكة في النار…وتترسخ في ذهن الحدث شبه الأعجمي أن ذلك الولاء لهؤلاء المشائخ قرين الولاء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو السبب في أن السلفيين بعد وفاة الشيخ مقبل تقاسمهم مساعدوه كما يتقاسم الورثة مال مورثهم، ورأينا أول سؤال للسلفيين عندما يرون شخصا غريبا يشبههم في المنظر هو: هذا تبع من؟!!
لقد صادر أولئك القادة عقول هؤلاء الشباب، ومنعوهم من التفكير.
لا تتابعوا الأخبار، ولا تقرؤوا الصحف والمجلات، لأن تلك القراءة ضياع للوقت ومشغلة عن طلب العلم. ولكن الحقيقة أن وراء ذلك المنع خوف اكتشاف الحقيقة.
عليكم بالكتب ولكن احذروا من كتب الضلال، وهي الكتب التي ألفها مخالفوهم فهذه الكتب عندهم لا يجوز قراءتها. 
عليكم بحلقات العلم، ولكن حلقات العلم التي يقوم بها من لم يرضوا عنه هي بنظرهم السم الزعاف. قد يكون في مدينتهم أو ريفهم من هو متخصص في علوم القرآن أو علوم الآلة كاللغة العربية والأصول والمصطلح وعلوم التفسيرً، ولكنهم يمنعونهم من التفقه عليهم مخافة أن يبدؤوا بالتفكير، وأن يكتشفوا الحقيقة. فيصدرون جاهلا من الجهال لتعليم علوم لا يعلمها، والتعليم القاصر الذي يتصدره الجهال ضرره كبير جدا.
أصارح السلفيين بهذه الحقيقة المؤلمة لأن الأمل فيهم كبير، ولكن تحقيق هذا الأمل يتطلب الخروج من مرحلة المراهقة والدخول في مرحلة الرشد، وأول خطوة للرشد هي استعادة العقول المنهوبة، ولا نطالبكم بكراهية مشائخكم وعدم الاستفادة منهم، ولكن نطالبكم برفض استبدادهم عليكم.