fbpx
لا يا بن حاشد .. أخطأت وربُ الكعبة


أديب السيد

لقد تفاجئنا كثيراً لذلك الطرح الحاد الذي ظهرت به أيها الرجل المقدام أحمد سيف حاشد ، وتفاجئنا هذا ليس لرأيك أو لرؤيتك على حد وصفك بقدر ما كان طرحك مجافي للحقيقة شكلاً ومضموناً .

لقد عرفناك يا حاشد وأنت صاحب الرأي الصواب ، لكن ما بدا منك مؤخراً لا يحمل غير حقيقة واحدة  فقط خاصة وأنك  أكثرت الحديث عن الكراهية في ثلاثة مواضيع متتالية  إستهدفت صميم المجتمع الجنوبي وإنتهكت كل أسواره الحصينة ، حيث بدى الأمر وكأن هناك إستهداف للجنوب وللحراك الجنوبي السلمي ، فالكراهية التي تتحدث عنها يا حاشد والتي إتهمت الجنوب بها هي ليست موجودة وإن وجدت فإنها ستكون ردة فعل طبيعية لما حدث للجنوب من عنصرية وكراهية وإنتهاكات وتعمد في طمس الهوية وتغيير القيم وإقتلاع المبادئ الأصيلة التي عرف بها شعب الجنوب وعلى رأسها المدنية التي لا يعرف عنها الشمال شيئاً .

والحقيقة الوحيدة التي أوردتها في مقالك الأخير هي ” ان الجنوب في خطر ” نعم الجنوب في خطر وخطر كبير  ولكنه ليس خطر الكراهية التي تحدثت عنها بل هو خطر إستمرار الوضع على ما هو عليه والأخطر من ذلك هو إعادة إنتاج وتكرار نظام صالح الطاغي  من خلال إستخدام الأدوات القديمة الجديدة لحكم الجنوب مرة أخرى وتدمير ما تبقى فيه من عرق ينبض وإستكمال نهب بقايا الأراضي في عدن  .

إن النار التي إكتوى بها الجنوب زمناً لم تلامسكم أبداً يا أخواننا في الشمال ، وإن الكراهية التي تتحدث عنها يا حاشد هي ما تعرض له الجنوب وشعبه حينما دمرت كل معالمه وشواهده وتأريخه وثقافته ، حتى الهواء الطلق لم يسلم من كراهية النظام الشمالي للجنوب .

فقد إتهمت يا عزيزي  كل الجنوب بالكراهية وعممت المصطلح على الجميع وهو ربما فرد واحد هو من صادفته ، وهنا يحق لي ان أطلق لفظة الشماليين رغم أننا لم نحب أن نقولها منذ زمن وإذا قلناها نقولها  باللفظ “إخواننا الشماليين ” .

فإذا صح ما شاهدته في عدن فهو جزء يسير من النار التي إكتوى بها شعب الجنوب زمناً ليس بالقليل ، تذكر أنك بمجرد وجودك ساعات في عدن تقول انك شعرت بكراهية ، لكنك ألا تشعر معي ان عقدين من الزمن وشعب الجنوب يتعرض لكراهية مفرطة وحقد دفين وعنصرية مقيتة وهو صابر وحليم ، عشرون عاماً وأكثر وشعب الجنوب يطغى عليه حلم الأصالة والقيم والمبادئ التي إستخدم نظام الشمال كل طاقاته وإمكانياته من اجل طمسها وتلويثها بقيم القبيلة والتخلف والخنوع .

للأسف الشديد .. لم تكن موفقاً يا حاشد ولم تطرق أي وجه للحقيقة في مقالاتك الثلاثة التي قرأناها وصمتنا أمامها لعلها ان تكون زلة قلم لك ، ولكنك كررتها ثلاثاً وربما لديك مقال رابع  وخامس وأكثر .

لقد قلت ان الجنوب في خطر بالكراهية ونسيت ذلك الخطر الذي يداهم الجنوب من كل إتجاه منذ عشرون عاماً ، وتزداد حدته شراسة وفضاعة وبشاعة كل يوم وحتى اللحظة التي اكتب فيها هذه الكلمات .

حاشد .. عن أي شيء تتحدث وعن أي كراهية تكتب ، وأنت ترى الفرق والعنصرية حتى في الموت بين الشماليين والجنوبيين  ،  ألا تعلم بأن دماء الجنوبيين صارت ماء ودماء الشماليين دماء .. ألا تعلم كم قتل من الجنوبيين ولم نشهد لكم صوتاً او إدانة سواءً أفراداً او منظمات او أحزاب أو مشائخ علم او غيرها .. وإن كانت هناك أصوات بعدد أصابع اليد فهي كانت لمجرد معايرة نظام صالح الطاغي وإستخدامها فقط للمنكافات السياسية .

عن أي كراهية  تتحدث يا حاشد وعن أي خطر تقول .. وجنوبنا الحبيب لم يتبقى منه شيئاً  فكل شيء فيه صار مباح وحلال بفتاوى علماؤكم وأبرز رجال الدين لديكم .

عن أي كراهية تتحدث وعنصريتكم تقتلنا كل يوم في الجنوب وممارساتكم  تنتهك حرمات مدارسنا ومساجدنا ومرافقنا وأماكن أعمالنا ، بل لقد وصل الكراهية فيكم  أن يتم قتلنا في منازلنا وحتى في غرف نومنا  .. عن أي خطر تكتب وقد باتت كل مناطق الجنوب مدمرة ومنتهكة ، بل  أي حديث تنطق وفي الجنوب جيل جاهل وأمي بسبب ممارسات العنصرية والتدمير الممهنج .. بأي لغة تتحدث وشعب الجنوب لا يجد دواءً ولا علاجاً ولا خدمات طبية بسبب الإهمال المتعمد من قبل نظامكم الجاثم على أرض الجنوب .. بأي صوت تنطق والبطالة في الجنوب القليل السكان أكثر بأضعاف من الشمال الكثيف السكان .. بأي عقل تفكر وأنت ترى مشاهداً إجرامية  لنهب الأراضي والثروات والمنازل والمؤسسات الجنوبية وكيف أصبح رعاة الغنم والرعاع من أبناء الشمال تجاراً ومليارديرات بعد نهبهم لأراضي الجنوب .

لا وجه للمقارنة يا عزيزي حاشد .. لقد أخطأت كبد الحقيقة وظهر الأمر كأنك تسير في نفس المخطط الذي يمارس على الجنوب هذه الأيام من قبل الحكام الجدد ، إنك تسير في نفس دربهم رغم الإختلاف السياسي بينك وبينهم إلا أنك وقعت في فخهم  فصرت تتحدث بلغتهم وتدافع عن جرائمهم في الجنوب .. إن لغة الكراهية التي تحدثت عنها في مقالاتك هي الشماعة التي يرى الأصلاحيون  والمرتزقة أنها ستعيد  لهم السيطرة على الجنوب من خلال تخويف الشعب الجنوبي والشمالي كي يتسلقوا على حكم الجنوب مرة آخرى .

إعلم أيها الرجل أن الجنوب قد تغير وانه قد خسر كل شيء بمعنى الكلمة ،  ولم يعد هناك ما يخسره ما دام وكل شيء ضاع في الجنوب ، وعليكم جميعاً أن تفهموا أننا نمر بمرحلة لا رجوع فيها فإما العيش بكرامة وحرية وإما الموت بكرامة  ، إما ان يكون الجنوب دولة ومكانة وثقافة وإما أن نباد عن بكرة أبينا بأسلحتكم وكراهيتكم وعنصريتكم  لنا .

لاشيء هنا في الجنوب يدل على ان المستقبل بخير ، وقد يكون لديك حق فيما قلت أنه خطر لأنك لم تمكث في عدن ولم تزر حواري عدن ولم تستمع لشباب عدن وأناس عدن ، ولم تشاهد دلائل الممارسات الكهنوتية الشمالية بحق عدن والجنوب ، لقد بلغ السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر يا حاشد .. فحتى منظمات حقوق الإنسان لديكم لا تعير حقوق الانسان في الجنوب إهتمام ، كل شيء عندكم يمارس العنصرية والكراهية والبغض والحقد ضدنا ..لماذا ..؟ يا حاشد تكتب ذلك وأنت من بين أصابع اليد في الشمال من وقفوا مع الجنوب ومع القضية الجنوبية حينما إنطلق الحراك .

لماذا..؟ فعلت ذلك ، أم إنك ستلحق بمن سبقوك في معاداة الجنوب اليوم وإنكارهم  للقضية الجنوبية السياسية العادلة  التي لا تزال مواضيعهم السابقة شاهدة عليهم إبان حكم الطاغية صالح .. هل ستلحق بمنير الماوري وتوكل كرمان يا حاشد .

وهل سيصدق فيكم  قول أحد رجال الدين الجنوبيين  عندما قال ( إن أوسخ رجل وأظلم رجل وأبشع رجل في الجنوب يساوي أفضل رجل وأتقى رجل في الشمال ) .

وختاماً  نقولها بكل صراحة .. وللأسف الشديد إننا في الجنوب كل يوم نزداد يأساً وقنوطاً بأن نصبح شعباً واحداً في الشمال والجنوب ولكن بنظامين سياسيين ودولتين مستقلتين كل بحسب خصوصيته وثقافته ، للأسف فقد بدأت افقد الأمل بذلك  ولم يعد شيء هناك يجعلنا مجبرين على العمل من أجل ذلك ، فلكم دينكم إذاً ولنا دين . والسلام ختام .