fbpx
في العمق .. حقائق لابد من كشفها للشعب (1)

 

لقد كتبت مقالاً مطولاً قبل شهر  ويقع في حلقتين حملت عنوان عن “بداية الصيف الساخن للقضية الجنوبية دولياً” ، وفي حقيقة الامر أن السخونة تلك باتت اليوم مرتفعة بدرجات عالية ، تنخفض حيناً لكنها  فجأة تصل لمرحلة الفوران لكنها قد لا تأتي سخونة القضية الجنوبية أكلها بما يتوافق وثورة الجنوب التحررية وإرادة شعبه التواق لاستعادة دولته واستقلالها.

ورغم ان هناك الكثير مما يجري خلف الكواليس كفعل حقيقي لصيف القضية الجنوبية التي تحدثت عنه سابقاً وسردت فيما يخصه تفاصيل تأريخية لموقف مجلس الأمن والمجتمع الدولي الغير منصفة مع الجنوب ، إلا أن الأمر بكامله لا يعدو كونه تفاصيل مكرره لمشهد سياسي جامد أنتجته العزلة السياسية التي فرضتها بعض دول العالم اليوم على القضية الجنوبية وفصولها إنطلاقاً من حسابات سياسية لا تزال خيوط اللعبة فيها لم تكتمل بعد .

ولكن من بين معادلة الحسابات تلك تأبى الحقائق الثابتة ان تضل متسترة خلف الكواليس السياسية ، وخاصة ما يخص القضية الجنوبية المتمثلة بثورة شعبية تسيطر على ميادين الجنوب ولكنها لا تسجل أي حضور سياسي سواءً على مستوى الجنوب أو على مستوى الخارج .

ومع أن تلك الحقائق السياسية مرة وأحلاها كالعلقم إلا أنه من الواجب اليوم أن يكون هناك الكثير من العمل لاجل الحفاظ على ثورة الجنوب سياسياً وإنقاذها من عمليات السحب والطرق والشد والجذب وفعل وردة الفعل .

ورغم اننا نؤمن يقيناً ونعلم جميعاً أن سلاحنا ورهاننا الوحيد في مواجهة الاخطار والمؤامرات التي تتعرض لها الثورة الجنوبية هي ” إرادة شعب الجنوب ، وساحات النضال الثوري الممتدة في طول الجنوب وعرضه ” ، إلا أن هذا الرهان بحاجة ماسة جداً جداً إلى تحصينه تماماً حتى لا نفقد رهاننا تحت تأثير الوقت والمساحة الزمنية التي ربما تمتد لسنوات أكثر من التي مرت بها الثورة الجنوبية ، مع علمنا ان شعب الجنوب بشراً يتأثرون ويشعرون ويقنطون ويتحمسون مثل كل البشرية ، وليس هم استثناء من البشر كما نصورهم عادة في إطراءاتنا ومديحنا لهم .

  •      حقيقتان تؤرقان الثورة الجنوبية ..!

من ابرز الحقائق المرة الواقعة اليوم في الجنوب ، هي حقيقتان يمكننا أن نحتويهما بعيداً عن التفاصيل والمخاطر المحدقة بثورة شعب الجنوب التحررية وإن تجاوزنا هاتين الحقيقتين سنضمن رهاننا وعدم تقهقر أو تضعضع الثورة الجنوبية يوماً ما ، وهما كالآتي  :-

1-  غياب التنظيم والتنسيق والتكتيك السياسي المتمكن بين مكونات الثورة الجنوبية وقياداتها والثقة المتبادلة ، بعيداً عن الصورة الشكلية والتكتيك الذي يصنعه شعب الجنوب في الغالب بصورة يشكلها القدر .

وللحقيقة ذاتها أقول أن إخراج جماهير من هذه المنطقة او المحافظة أو تلك الى الفعاليات المليونية في الجنوب لا يعني أن هناك قيادات فاعلة ، كما لا يعني ذلك فعل قيادي مثلما يتحدث الكثيرون ، بل ان ذلك ناتج عن وعي شعبي باهمية المشاركة في تلك المليونيات المعبرة عن إرادة الشعب الجنوبي .

ولهذا فإن غياب التحكم في العمل الميداني بالإضافة إلى عشوائية العمل السياسي وتنظيماته وجزئياته هو ما يؤرقنا دائماً خوفاً من الانحدار بفعل تحركات أعداء الثورة الجنوبية التوالي الزمني في مجهول المستقبل السياسي للثورة الجنوبية ” التحررية ” وما سيليها من مراحل خطيرة قد لا تقف عند حد معين لمستقبل أجيال الجنوب القادمة  بل قد تصل إلى التفريط بالمبادئ الثورية التي سقط من أجلها شهداء الجنوب وجرحاه ، وذلك نتيجة للضغوطات الأسطورية والاجتزاء السياسي الذي تفرضه دولاً عربية وإقليمية فيما يخص القضية الجنوبية التي هي مرتكز وأساس الثورة الشعبية في الجنوب .

2-   غياب او تغييب أو إنعزال العقول السياسية الجنوبية المعبرة عن إرادة ثورة شعب الجنوب ، وذلك إما نتيجة لطوق خطة العزل السياسي الذي تنفذه دول الاقليم أو جمود العقل السياسي الجنوبي نفسه ، وهذا خطر داهم أدى لعزل الثورة الجنوبية وعدم تقدمها على المستوى السياسي والخارجي .

 وللأسف الشديد ، أقول : أن هناك رغم الأحداث الهامة والمرحلة الحساسة التي يعيشها الجنوب وثورته لا يزال هناك من قيادات الجنوب غارقون في فكر معتق وهوى تكوينات نفسية لم تصل باصحابها الى مستوى الوعي السياسي ، وبات بسببها الجنوب يعيش حالة أشبة بــ”البطالة السياسية ” ، ولأننا نقول ذلك ايماناً منا وحرصاً على ” القضية الجنوبية ” ، إلا أن شعب الجنوب البطل والذي اثبت جدارته من بين كل الشعوب على الصمود والصبر والارادة في مواجهه عالم من الدول العربية والاجنبية بكل أمكانياتها السياسية والمادية ، لا يزال غافلاً عن هذه الحقيقتين وحقائق آخرى بات من الواجب التحدث عنها اليوم بكل شجاعة حرصاً على المستقبل السياسي للجنوب وثورته التي يرجى ان تحقق هدفها الاستراتيجي المتمثل بالاستقلال واستعادة دولة الجنوب كاملاً دون نقصان .

  •        حقيقة عاطفة الشعب وجمود القيادة

لعلنا جميعاً في الجنوب نردد دائماً وبعاطفة جياشة أن الشعب الجنوبي هو صاحب القرار في تحديد مستقبله ومصيره ، وهذه حقيقة تدعمها كل القوانين الدولية والحقائق التأريخية والسياسية الخاصة بشعب الجنوب وقضيته العادلة او المماثلة لحالته التي يعيشها اليوم ، لكن الأمر  بحاجة إلى عمل أكبر من كونه منحصر في مسيرات ومهرجانات سلمية تتعرض في غالب الاحيان للقمع العسكري الوحشي ويسقط شهداء ما نلبث أياماً حتى يٌعلن عن تشييعهم بمواكب من البشر الى مثواهم الأخير ، ولهذا فإننا لا نريد أن نفيق يوماً على إعلان تشيع الثورة الجنوبية التحررية إلى مثواها الأخير تبعاً لشهداءها الابرار ، مثلما حدث مع ثورة شباب التغيير التي اندلعت في محافظات شمال اليمن ولكن سرعان من تلاشت وتم تشييعها عقب شهداءها الذي قضوا فيها .

ونداءنا هنا لكل رؤساء وقيادات مكونات الثورة الجنوبية التحررية شباباً وكباراً ميدانيين وسياسيين والذين ضحوا كثيراً وكانوا السباقين في إشعال شرارات الثورة الجنوبية ، بأن يلتقطوا فوراً وبأقصى سرعة  اللحظة التأريخية الهامة في مسار الثورة الجنوبية ويقوموا بإنجاز مشروع وطني ثوري وسياسي يخص الثورة الجنوبية كرد شافي وإنجاز تأريخي مستغلين صمود وحماس شعب الجنوب الجبار وإخفاق التسوية السياسية في صنعاء ، وذلك من خلال لقاءات مستمرة بينهم تتوج بإعلان تأريخي لمجلس تنسيقي جنوبي او ما يشابهه ينظم عمل الثورة الشعبية ميدانياً وسياسياً ويحدد مقتضيات المرحلة الثورية والسياسية الجنوبية وملامحها القادمة ، وعليهم أن يعلموا أن صمتهم المشاهد اليوم واكتفاءهم بالترقب ومتابعة ما يجري فقط هو جمود خطير وعمل يستشف منه تخليهم عن مسئولياتهم أمام شعب الجنوب وثورته التحررية وهو ما قد يترتب عليه أوصاف غير لائقة تخصهم ومستقبلهم السياسي في الجنوب .

” يتبع الحلقة 2 عن مخاطر إندثار  ثورة الجنوب “