fbpx
في العمق .. حقائق لابد من طرحها ” الأخيرة “

ثمة محطات هامة في حياة الشعوب يتعين عليها مستقبل أجيال قادمة ، وعادة ما تكون هذه المحطات إما هزائم وإما انتصارات ، فلا قوي عاش للأبد قوي ولا ضعيف عاش للأبد ضعيف .

والشعوب الحية فقط هي من تستطيع تحديد مستقبلها بما تريد وما تقرر وما ينبغي أن يكون ، وخاصة تلك التي تصحو بعد غفلة وتفيق بعد طول انتظار وصبر ، وبئس لمن يقف في وجه شعب طالما صبر على المحن وتجرع ويلات الألم والمعاناة ، كشعب الجنوب البطل الذي طال صبره نحو ما يقارب نصف قرن من الزمن راجياً ان يكف العابثون عن ممارساتهم وعبثهم ولكنهم لا يفعلون ، إلا بردع الشعب لهم وتأديبهم بدروس تأريخية لن ينسوها أبداً ليغادروا معها تأريخ الشعوب أذلاء صاغرين .

ومن هنا فإن ما يواجه شعب الجنوب من محطة هامه وفاصلة في تأريخية ، يتوجب الثبات أمامها بصمود النصر المؤكد بالايمان بالله وقدرته على نصر الحق على الباطل يقيناً بقوله تعالى (( قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )).

لذلك فالثورة هي ثورة ولا يمكن لها ان تكون فصول من مشاهد سياسية تغيب وتظهر وتبعد وتدنو ، وعلى الشعب الجنوبي أن لا ينتظر خيراً ممن كانوا سبباً في معاناته ، وعليه ان لا ينظر لنتائج مفاوضات أو حوارات او لقاءات تحاول أن تجتر معها ويلات الاحتلال لصنع شكل جديد من الويل والبلاء لشعب الجنوب .

ومبدئياً فقط هناك نقطة معينة في ثورة شعب الجنوب متى ما وجد السياسيون انفسهم يقفون عندها او على بعد خطوة واحدة منها سيكون على شعب الجنوب ان يرحب بهم حينها ، وهي النقطة والهدف المتمثل بإعلان يوم الاستقلال الوطني لدولة الجنوب .

واحسبني وأنا اسطر كلماتي هذه أن يستوعب شعب الجنوب صميم مقاصدها وهو الشعب الذي بات خبيراً بالحياة  بعد ان جرب وعايش كل صنوف العذابات والمراحل القاسية ليقف عند محطة جديدة للخروج من نير الاستعمار الجيراني العربي بعد الاستعمار الغربي الأول إلى طريق الحياة لتكون هذه المحطة آخر محطات شعب الجنوب وأجياله مع المعاناة والألم .

ولتحقيق ذلك يتطلب الأمر التعرف على الظروف والوقائع على الأرض ، الموضوعية والذاتية،  للهجوم والدفاع ، والتيقن الجيد بين ما هو مؤقت وما هو طويل الأمد، بين ما هو زائف وما هو أصيل ، بين العمل الوطني الثوري والعمل السياسي الحاسم وفي الوقت المناسب واللحظة التاريخية الممكنه .

ومع التداول والتناول للقضية الجنوبية والحديث بين كبار حلها عن حلها وإنصاف شعبها الجنوبي ، لا تزال هناك حقائق يجب ان يعرفها شعب الجنوب ولا يجوز له قطعاً ان يبقى رهيناً لمثل تلك التحركات او منتظراً منها حتى شربة ماء طالما وهي بعيدة عن هدف ثورته السامية ونقطة الإلتقاء التي رسمها وهي التحرير والاستقلال .

ومن هذه الحقائق التالي :-

  •     حقيقة الحوار اليمني والبعد السياسي  

قد يكون للحوار اليمني الجاري حالياً شكلاً معيناً من الصور والغايات ، لكن حتماً ان هناك بعد سياسي يقف بقوة خلف هذا الحوار ، وهذا البعد هو المرتكز الحقيقي

الذي اقيم عليه هذا الحوار ، وهو ” القضية الجنوبية ” ، نعم هي البعد السياسي

والمدى الزمني لهذا الحوار اليمني الذي جاء لغرض تحقيق السيطرة الكاملة والتحكم بمصير ومدى القضية الجنوبية السياسية .

ومع ان سلطات الاحتلال ومعها بعض دول الخليج وبعض الدول الاعضاء في الامم المتحدة  ترى ان هذا الحوار حوار شرعي كونه يكتسب شرعية  ودعم دولي واممي .. لكن الحقيقة تقول ان كل ذلك لا يعني شيئاً امام شرعية شعب الجنوب وقوة ثورته وعدالة قضيته وحقه المشروع في استعادة دولته كاملة السيادة بعد وحدة فاشلة بإعتراف العالم اجمع .

وطالما هذه الحقيقة ثابته فإن الحديث عن الحوار اليمني المكرر بات مملاً وليس إلا نكهه منعشه لكي تبرز هذه الحقيقة بقوة مهما حاول اعداء ثورة الجنوب تغييبها .

ومع أن تداخل خيوط اللعبة السياسية في اليمن باتت شائكة جداً ومرتبطة بألغام شديد الانفجار ، إلا أن العالم يعرف أن شعب الجنوب هو من يملك الخيط الرئيسي لإبطال مفعول الالغام وإنهاءها من جذورها ، وكواليس الحوار اليمني تحكي ذلك بوضوح رغم تشعب المهام المظلله التي يحملها .

  •   الحوار اليمني وشخصيات من ورق

لقد ضنت سلطات الاحتلال وحلفاءها انه باستطاعتها إيهام العالم بصنع شخصيات من ورق لتمثيل شعب الجنوب وتمرير مشاريع بائته كحلول للقضية الجنوبية ، لكنها لا تعلم ان ذلك الابداع الورقي والاسلوب الأكثر فضائح في العالم قد كشف أوراقاً كثيرة وبعثر أخرى كانت تحتاج إلى وقت طويل كي تنكشف ، مما زاد الشعب الجنوبي ثباتاً ورسوخاً في السير نحو هدفه وأعطاه جرعات كبيرة من الامل بقرب وصوله من هدفه السامي وحلمه في تحقيق الاستقلال .

في حين يبقى الأمر الوحيد الذي يمكن للحوار اليمني ان ينجزه هو الاثبات للعالم أنه يستحيل ألف مرة ومرة ان تقام دولة في صنعاء والشمال ، ومع ان العالم ربما تأكد مؤخراً من ذلك ، إلا ان سياسة معينة تجلعه يصبغ المشاهد بالالوان أمام قوى صنعاء وسلطاتها حتى تُطمأن ولا تندفع وتصاب بحماقة الهستيريا الشمشونية المتجسدة بهدم المعبد ( علي وعلى أعدائي ) .

  •      حقيقة بعض القيادات الجنوبية الفيدرالية ..!

في الحقيقة ان قيادات الفيدرالية من الجنوبيين المتواجدين في الخارج كانوا على امل ان تلقى مشاريعهم الفيدرالية الاتحادية قبولاُ لدى قوى صنعاء السياسية بعد ما جرى في الجنوب من ثورة شعبية تحررية ، لكنهم تفاجئوا بموقف رافض لمشروعهم وكانهم لا يعرفون أن العقلية التي تحكم في صنعاء هي نفسها التي شنت حرب الاحتلال عام94م وهي نفسها العقلية التي اعتبرت الجنوب غنيمة حرب واصدرت فتاوى بجواز سبي النسا والاموال وقتل الرجال في الجنوب .

وفي حقيقة آخرى ان رفض أولئك الفيدراليين الدخول في حوار صنعاء هو موقف مؤقت فقط ، ولن يلبثوا ان ينخرطوا فيه بعد اختراع شكل ونمط معين من فصول الحوار اليمني او على الأكثر صورة تندرج في إطاره .

 

ومع ان تلك الشخصيات الجنوبية من الفيدراليين لا يزالوا حتى اللحظة مشتتين بمواقفهم بين المشاركة في الحوار اليمني والرفض إلا أن هناك شخصيات انخرطت في حوار صنعاء وباتت تستخدم حضورها لابتزاز نظام صنعاء من خلال تهديدها بالانسحاب من الحوار وذلك لتحقيق مكاسب شخصية ، لكن  في النهاية ستخضع او ستجبر على الخضوع للمشاركة في نسج خيوط مؤامرة قادمة على قضية الجنوب وثورته الشعبية لن يكتب لها غير الانتهاء والاضمحلال امام الصمود الفولاذي لشعب الجنوب .

 

  •       خاتمة :

في آخر الحديث ونهاية ما طرحت من أراء شخصية تجسدت بعد نظر عن كثب لمجريات الامور والتداولات والتحركات على كل الاصعدة ، لا يبقى إلا أن أقول أنه  من غير المجدي الحديث عن اهمية ما يجري من حوار في صنعاء وما تطرح من أفكار واراء حول الفيدرالية الاتحادية أو الاقاليم وغيرها ، لأن هذه الامور قد ولى زمن طرحها وحسم شعب الجنوب أمرها ، مثلما حسمت ” اليمامة بنت كليب ” لقبائل العرب طلبها في  أمر مقتل والدها ” كليب التغلبي ” .

ومهما كانت الأمور فإن الحقيقة في صنعاء هي واحدة فيما يتعلق بنظرتهم للقضية الجنوبية ولشعب الجنوب وهي نظرة الاستحقار والاذلال والفرع الذي عاد للأصل وغنيمة حرب ، ويعبر لسان حالهم موقفهم بعبارة تقول  ” الوحدة اليمنية ” ثابته وراسخة ولا يمكن ان يتم التفريط بها ، واعتبار حرب 94م هي حرب مقدسة  للحفاظ على الوحدة اليمنية وليس اقتحام عسكري لدولة الجنوب من قوات دولة الشمال ونهب وتدمير وقتل وسرقة وكل ما لا يمكن ان يتخيله بشر بأنه قد حدث ، حيث يعجز القلم عن التعبير وتعتذر الأحرف عن الوصف لبشاعة ما حدث وهول وقعه علaى الجنوب وشعبه المسالم الحضاري والتواق اليوم بكل أمل وإرادة وإيمان بالله ان يحقق اهداف ثورته في تحرير دولته واستعادة هويته ومكانته وثقافته لتعيش أجياله القادمة بسلام وطمأنينه طالما وقد تاهت أجيال الجنوب في ظل الوحدة اليمنية في دهاليز الضياع وحكايات الاسى والمرارة  .