fbpx
[ الخمر السيادي الأمريكي ] [ ممزوجاً بالسيـادة (اليمنية) ]

[ الخمر السيادي الأمريكي ] [ ممزوجاً بالسيـادة (اليمنية) ]

صالح اليزيدي

تبلُغ مساحة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (336 ألف كم2) ، والتي إندمجت عام (90) مع الجمهورية العربية اليمنية ، بينما تبلُغ مساحة الأخيـرة (180 ألف كم2)..توحدت الدولتان معاً وأنجبتا دولة وحيدة تُسمى الجمهورية اليمنية ، لحيث وكانت آمال الشعبان الشقيقان معقودة على تشكيل الإنسان اليمني العصري وتحسين مستوى معيشته..وتقوية الكيان الجديد بما يضمن السيادة اليمنية الكاملة وحفظ كرامة أبنائه وترسيخ مبادئ وقيم حديثة تهدف لطمس (جُل) المساوئ في الدولتان بما يضمن تخلُّق مجتمع يمني فاعل ومؤثر وذات ثقل..!

الدولة الوليدة إفتقرت لشيئن رئيسين..هُمـا : عدم القدرة على التخلّص من العقلية الإقصائية التي كان الحزب الشوعي يتصف بها جنوباً..وعدم القدرة على التخلص من العقلية القبلية التي كان النظام الجملوكي يتصف بها شمالاً…ما أدى لنشوء صراع حقيقي بين (العقليتان) اللتان أنجبتا حرباً ضروساً بين الطرفان في عام (94) ، وهذه الحرب كانت بمثابة أول الشرر المتطاير لقتل الوحدة اليمنية بعدئذ بدت علامات الغطرسة تبان في ممارسات وسلوكيات العقلية القبلية الشمالية والتحدث المُتحدثة بلغة المنتصر تجاه..بينما يرى الجنوبيين إنهم أخطأوا (كثيراً) عندما حاربوا في صف الوحدة اعتقاداً منهم إن العقلية القبلية الهمجية لن تكون في منهاجها وسلوكها بنفس الفكر الإقصائي ماقبل الوحدة وأن التمازج بين (العقليتيـن) المختلفتين قد تنتـج جنينـاً غيـر مشـوّة (خُلقيـاً)..!

(حالياً) ونتيجة نفس العقلية الهمجية بات المولود الجديد ينضوي تحت الوصاية الدولية…ومثلما قلتها يوماً إن (الوحدة اليمنية) ليست سوى قدراً إلهياً أصاب الجنوبيين نديد زراعة الشوعية على أرض مسلمة وشعب مسلم..فأن العقاب لتلك النبتة جاء نتيجة منطقية لإصابة الجنوبيين بعُضال (الوحدة)..وكان الثمن باهض فعلاً دفع الجنوبيين التُكلفة بغتةً ، لكني أراه من وجهة نظري ثمناً بخساً سيكفل بقاء الجنوب مُجتمع (سُنّي) والشعب الجنوبي محافظاً لهويته المسلمة ما بعد التحرر من ربقة القبيلة المُتكلّسـة شمالاً..!

واليـــوم..مايجري في الساحة اليمنية ككل..والجنوب خصوصاً..أراه من وجهة نظري قدراً إلهياً مُنزلاً (وتكفيراً) عن الحقبة الوحدوية المغدورة..وسيقدّر الله للجنوبيين قدراً آخـر من عنده سيكون (مخاضُه) عسير حتماً ، لكن الله تعالى لن يقبل بالظلم على عباده وسيخرجنا من مكرهُم وإن بعد حين…وأظن العاقل الفطين يشاهد عياناً بروز علامات المخاض تلوح أمامه وسيرد الله كيد حكومة صنعاء وعقليتها في نحر ذويها طالما يمكرون وينسون إن الله خير الماكرين..!

إن خيرتموني بين التوحد مع الأمريكين وبين التوحد مع الشمال مرة أخرى..فسيكون خياري الوحيد الأمريكيين قياساً لمكر وخداع اليمنيين..وقياساً لجحودهم بتضحيات الجنوبيين..وقياساً لتزييفهم للحقائق..ومقارنة بظلمهم وهمجيتهم وإفتقارهم لرؤية وحدوية حقـة ، للخروج من مأزق الوحدة وترك الجنوب لتقرير مصيرة بنفسه ، و مستعدون لبيع (أي شيئ) لدرجة أنهم يرضخون (اليوم) تحت الوصاية الدولية ومقيدون لجيل قادم بمبادرة لن يتحرروا منها ولن يدركوا مدى سُخفها إلا بعد فوت الأوان..بل سيكابرون وسيهتفون بإنتصار الثورة ويمجّدون أصناماً حديثة وسيصحون بعد عقود عـدة ليعلنوا إن
هم (خُدعوا) وإن الثورة فعلاً تحولت لمجرد أزمة يتصارع الكبار بها ويدفع الصغار والمطحونين التكلفة لها..!

ففي عهد الرئيس صالح..كانت الطائرات الأمريكية تقوم بمهام إختراق السيادة اليمنية الجوية بواسطة الطائرات بدون طيّار..وكان ذلك الإختراق (سراً) لا يعلمه الكثير من أبناء الشعب اليمني…ووفقـاً لتسريبات ويكليكس ، فإن هناك إتفاق سري بين الحكومة اليمنية برعاية صالح وبين الطائرات (بدون طيار) لحراسة السيادة اليمنية المنزوعة..ولولا هذه التسريبات لِما عرفنا بأن الذين إرتكبوا فضيحة المعجلة هُـم إخواننا في السيادة (الأمريكيين) وأن من يُحارب اليوم في الأجواء اليمنية ليست سوى طائرات صماء ترمي حمم القذائف حينما وأينما وكيفما تشاء وفق تفويض يمني حكومي (سري).
.!

قال الرئيس اليمني لجون برينان نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك اوباما لقد منحتكم باباً مفتوحاً بشأن الإرهاب ومن ثم لست مسؤولاً..حيث عُرف عن الرئيس صالح ممارسة الكذب على شعبه لدرجة أنكر فيها بأن الهجمات الصاروخية على القاعدة كانت من عمل القوات الأمريكية…إلا إن ويكيلكس قالت إن الرئيس اليمني أبلغ قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس بالحرف “سنواصل القول بأن هذه القنابل قنابلنا وليست قنابلكم”..مضيفة أن الرئيس اليمني عبّر عن تفضيله لإستخدام القنابل الموجهة بشكل دقيق التي تُطلق من الطائرات على إستخدام صواريخ ك
روز التي تطلق من سفن وتعد “غير دقيقة جدا”..!

أمـا في عهـد الثورة بالطريقة اليمنية..والتي تشارك فيها الحزب الديني التجمع اليمني للإصلاح..فلم يكتفـوا بأن يكون هناك إتفاق سري لخـرق السيادة اليمنية (جواً) بل إن رئيس حكومة الوفاق اليمنية (باسندوة) أبلغ صحيفة عكاظ السعودية بأن الأمريكيين حينما يضغطون زر إطلاق الصاروح الأمريكي (السيادي) فلا يكون لدموعه أي علم بها..وإلاّ في حال أُبلـغ شخصيـاً بتلك المهمة الوطنية لساهـم فعلياً بمنع تلك الطائرة من القيام بأي عمل وإن كلّفه ذلك البكاء أمام الكونجرس وبلا أدنى تردد..!

المشكلة ليست في إدراك اليمنيين لإختراق السيادة الجوية اليمنيـة (جهـراً) ، وليست المشكلة في تزامـن الإختـراق مع قيـاما لثورة اليمنية التي خرجت أساساً لإستعادة الكرامة اليمنية والحرية والمساواة وإعادة الحقوق لأهلها..وليست أيضاً بإرتهان اليمن (كلياً) لمبادرة دولية نزعت الغطاء الثوري وأسست لغطاء دولي لن يستطيع الثوار أنفسهم تجاوزه..بل إن المشكلة تكمن بإنتقال الوصاية من السريّة بعهد الرئيس صالح..إلى العلنية في عهد التجمع الديني الإصلاحي المنبثق من رحم الثورة..والمعضلة إنتقال الوصاية الجوية للوصاية (الكُلّيّة) في عهد أصحاب الدقون الحمـراء..!

ومع إقراري بحجم الخيبة..ومع إعترافي بحجم الكارثة..ومع حزني على أرواح الشهداء الذين سقطوا من أجل الثورة..ومع قمّة وشديد ألمي وتعاطفي مع زوجات وأبناء وأُسر شُهداء الثورة..ومع كراهيتي ومقتي للصالح حينما وافق بإختراق السيادة اليمنية (سراً) ، إلا إن مجاهـرة حزب الإصلاح (الديني) وترحيبه العلني بهذا العمل يدفع بي لطرح تساؤل تلقائي ، إلى أين ينوي حزب الإصلاح أن يمشي باليمن وأهله..فإذا كانت البداية فقط السماح لإخواننا في السيادة من الأمريكيين بالدخول للأراضي اليمنية..فماذا إن أمسكوا بمقاليد الحكم بصفة كليّة وماذا إن سيطروا على مراكز القوة والمال..!

مؤكد إنني رسمت في أذهانكم صورة شديدة الحُزن لما وصل اليمنين إليه من الرداءة والخيبة والغُبن..ومؤكد إن الكثيرين ( وإن كابروا) يعلمون يقيناً بأن الثورة التي بدأت عظيمة وأفضت إلى نهاية مأساوية سقيمة..مـع هذا..فلن تبلغ تلك الخيبة وذلك الغُبن وتلك الحسرة قمّتها إلا حينما وافق حزب الإصلاح (جهـراً) للمارينز الأمريكي بإقتحـام الأجواء اليمنية (جــوّاً) بطائرة دون طيار مثلما إقتحمها براً عند إقتحـام جنـوده لسراويل (القاصرات) بمرأى ومسمع من ثورة بكل المقاييس (فاشلـة)..وثوةر قيل بأنها قامت أصلاً لحفظ ماتبقى من الكرامة اليمنية المهدورة في عهد الرئيس صالح
­ (سراً)..!

لا يزال السؤال نفسه يعود مجدداً..تُرى إلى أين ينتوي حزب الإصلاح قيادة اليمن واليمنيين في حال تسيد الساحة اليمنية وإستطاع بغفلة من الشعب (العرطـة) الوصول لنفس القدرات التي كان الرئيس صالح يملكها حينما وافق بإختراق السيادة اليمنية لتخدم مصالحه حسبما يرى في حينـه..والسؤال الأهـم..ماذا بعد سماح الثورة للمارينز الأمريكي بتدنيس الشرف اليمني ممزوجاً بالخمر السيادي..؟