fbpx
[ تَستحمّـِرون النـاسَ ] [ وقـد ولدتهُـم أُمهاتهُــم أحـرارا ]..!
[ تَستحمّـِرون النـاسَ ] [ وقـد ولدتهُـم أُمهاتهُــم أحـرارا ]..!
بقلـم / صالـح اليزيــدي – كاتـب جنوبـي
قـال الثائـر الشمالـي وأحد قيـادات (الأزمـة اليمنيـة الأخيـرة) المحامـي خالـد الآنسـي إن (الإنتخـابات) التـي فرضتهـا المبـادرة الخليجيـة علـى ثورتهـم ، عبـارة عـن عمليـة (إستحمـار للثـورة اليمنيـة) ، وأنهــا حسبمـا قـال عبـارة عـن مسرحيـة هزليـّة (وإستغبـاء) لكافـة المُنتميـن لتلك الثـورة..مُشيـراً إلـى إن التيـار الـذي هـرول يومــاً لتقديـم الرئيـس صالـح كمرشـح (وحيـد) في العـام 99م…يسعـى (بنفـس الطريقـة) ليفـرض علـى الشمالييــن مُرشـح وحيـد تـم حسمــه كرئيـس “سلفـاً ” ، وتسائـل ما الداعـي إذاً لإنفـاق ملاييـن الريـالات اليمنيـة لمجـرد عمليـة عبثيـة محسومـة حتـى إن صـوّت (هـادي) لنفسـه..؟
والحقيقـة ، أنـا لا أملك تفسيـر لغـوي للمعنـى المجـازي لمُصطلـح (الإستحمـار الآنسـي) ، وبخاصـة إن الثـورة اليمنيـة لهـا خصوصيتهـا التـي تختلـف عـن باقـي ثـورات العالـم..ففـي حيـن لا يحمـل هـذا المُصطلـح سـوى معنـى واحـد لـدى كوكـب الأرض..فيُمكـن إسقـاط معنـى الإستحمـار (الآنسـي) فـي اليمـن ليحمـل صفتيــن : الأولـى للتعبيــر عـن مـدى إستهـزاء العالـم بعقليـة المُجتمـع الشمالـي بعـد نجـاح الصالـح بتسويقـه كمُجتمـع قِبلـي مُتخلّـف..بدليـل أن الجيـران العـرب وخلفهُـم بقيـة الأُمـم قـد تعاملـوا مـع ثورتهِـم كمـا يُعامِـل بنـو البشـر للحميـر فاقـدة (الإرادة والعقـل ) فتؤتمِـر حيثمـا يأمُرهـا وتنتهـي حيثمـا يُنهيهـا..بالتالـي إبتكـروا (دوليـاً) فكـرة تمريـر مُرشـّح واحـد ، وفائـز وحيـد كسابقـة لـم تحـدث إلا باليمـن لتنفيـذ الأجنـدة (الإستحمـارية) ..!
والحالـة الثانيـة..فيمكـن مـن خلالهـا إسقـاط نفــس المُصطلـح للتعبيــر عـن تبعيـّة الثـورة اليمنيـة لقبيلـة (آل الأحمـر) كنايـة عـن مـدى السيطـرة القبليّـة لأبنـاء الأحمـر علـى مراكـز القـوى ليصبـح الشوافـع حينهـا مُجـرد (مُتحمـرِنـون)  فقـط..وسـواء كـان يقصـد بالإستحمـار وفقـاً للتفسيـر المجـازي الأول..أو كـان المقصـود بهــذا المُصطلـح (حمّرنـة) الثـورة وفقـاً للتفسيـر المجـازي الثانـي..وسـواء مضـى فيمـا قالـه بنفـس العقليـّة ونفـس التفكيـر..أو تراجـع عـنـه مثلمـا تراجعـت الثائـرة توكـل كرمــان..فـذآك مـن وجهـة نظـري شـأن شمالـي (داخلـي) ليـس للجنوبيـن فيـه أدنـى صلـة..!
لم آتـي لنفـي المُصطلـح الإستحمـاري لمجـرد الفضفضـة فقـط..ولـم آتـي لتدويـن شخبطـات قلـم رصـاص ستُمحـى (فضفضتـه) بممحـاه وضعهـا مُبتكـرُه فـي المؤخـرة..فالتاريـخ سيكتُـب حقيقـة تتناقلهـا الأجيـال مهمـا غلّفهـا (الواهـم) بغـلاف النصـر الزائـف..فقـد رفـض الغالبيـة العُظمـى مـن الجنوبييـن ذلك المُصطلـح (رفضـاً قاطعـاً) ، بينمـا تـم تسويـق ذات المُصطلـح تحـت يافطـة دينيـة أسموهـا درئ المسفـدة الكُبـرى بمفسـدة صُغــرى..وحسبمـا قـال الثائـر الآنسـي فـي نفـس المقابلـة إن الرئيـس صالـح كـان يكتفـي بعمليـة (تزويـر) الإنتخابـات اليمنيــة فقط فـي ظـل وجـود مرشـح آخـر مُنافـس..بينمـا يسعـون اليـوم لتزويـر العقـول والإلتفـاف علـى مبـادئ الثـورة الحقيقيـة وإستحمـارهـا..!
بقـدر سعادتـي الكبيـرة لحجـم الوعـي الجنوبـي الرافـض (للقطرنـة) ، وبقـدر قمّـة فخـري بأبنـاء وطنـي الجنـوب..وبقـدر تقديـري لتضحياتهـم الجسـام حينمـا أزالـوا عنـي النكبـة الثوريـة الرائجـة بالشمـال..فـأن تلك السعـادة..وذلك الفخـر..وذآك التقديـر غـدى ناقصـاً..فمهمـا كـان خلافنـا مـع الشمالييـن كبيـر..ومهمـا تباينـت أفكارنـا..فـلا يجـوز أن نرتضـي لإخواننـا الصفـة الإستحماريـة لمسرحيـة القـرن الواحـد والعشريـن مهمـا يكُـن حجـم الخـلاف…!
ناشدناهُـم بعـدم الإنجـراف خلـف المصالـح الإصلاحيـة الساعيـة لقطرنـة الثـورة اليمنيـة (فرفضـوا) ، وعاتبناهـم بأن يستمعـوا للجنوبييـن لمـرة واحـدة (فأبـوا) ، وقلنـا إن الثـورة بـدأت تحـت يافطـة كبيـرة إسمهـا اليمـن بشمالـه وجنوبـه..وأنه (بالإمكـان) إسقـاط (منظومـة الفسـاد) بكامـل أعمدتهـا..لستسنـى للشعبيـن بعدئـذٍ الجلـوس على مائـدة الحـوار الحقيقـي لحـل القضيـة بصـورة أكثـر رُقيـاً..وفـي حيـن يعتقـدون إن عقولهـم مـن ذهـب وعقولنـا مـن طيـن..تبيـن لهُـم حجـم الكارثـة التـي سيرثهـا أبنائهـم بعدهـم حينمـا يقـرأون بأنه لـم يحـدث عبـر التاريـخ السحيـق أن يقـوم شعـب بكامـل ثورتـه بإنتخـاب شخـص واحـد محسومـة نتيجتـه سلفـاً..!
هُـم بهـذا التفكيـر يظنـون خطئـاً إن المسرحيـة الهزليـّة تقـي اليمـن التشـرذُم..بينمـا واقـع الحـال يقـول أن القطرنـة حدثـت (فعـلاً) فلـم يتوافـق معهـم الجنوبييـن ولـم يلتفـّوا حولهـا..فأخفـق الشماليــون (للمـرة الثانيـة) فـي كسب الجنوبييـن لصفّهـم مثلمـا أخفقـوا سابقـاً..وبـدلاً مـن ردم الهـوة النفسيـة ..وبدلاً مـن رأب الصـدع الفكـري..تجلـى واضحـاً إتسـاع التباعُـد النفسـي وعـودة بـذرة الكراهيـة والحقـد (المُتبـادل) بصـورة أكبـر..فكـان التبايـن الفكـري فـي أبهـا صـورة والتناحُـر التاريخـي بيـن مؤيـد للوحـدة ورافـض ، ومُناصـر للقطرنـة ومُعـارض..أدى ذلك التفسيـر الخاطـئ لقراءة الواقـع البنفسجـي العربـي وفـق عقليـة مُبتذلـة دفعـت بالكثيـر من الفئآت الجنوبيـة الصامتـة لأن تعتنـق فكـرة نبـذ القطرنـة مهمـا كلّـف الثمـن..فهـب الجنوبييـن هبّـة الشمـوخ ليمنعـوا التاريـخ مـن إستحمـارهـم.. بينمـا إخوتنـا فـي اليمـن سوّقـوا وروّجـوا وآزروا  (وخاصمـوا) كُل مـن عـارض تمريـر الفكـرة وإيغـال ذلك المُصطلـح (تاريخيـاً) لا يمكـن محـوّه بجـرة قلـم…!
عـن نفسـي ، شعـرت رغـم الحسـرة لحالهـم هـذا بـأنهُـم أخطـأوا فعـلاً..وكـان المُلفـت فـي هـذا كُلـه رغبـة توكـل كرمـان (الشديـدة) بإلتقـاط صـورة لبلقيـس الشمـال الإصلاحيـة لحظـة إنتخابهـا..فـي الوقـت الـذي أعلنـت لأكثـر مـن مـرة إن المبـادرة الخليجيـة لا تعنـي الثـورة التي بفضلهـا حصـدت ذات يـوم (جائـزة كُبـرى) لتُفصـح بعـد  أن حصدتهـا بـأن الإسـلام مصـدر إلهـام لا مصـدر تشريـع..ولعـل فـي هـذا رسالـة كُبـرى ودلالـة واضحـة لمـدى إستغـلال نوبـل للثـورة اليمنيـة حينمـا “أوهمهُـم” مـن (قبـره) بـأن تتويـج الإصلاحيـة (المتحـررة) توكـل كرمـان  تتويجـاً للثـورة..!
 لعـل لسـان المحامـي خالـد الآنسـي أراد أن يقـول قبـل تمريـر ذلك المُصطلـح مقولـة سيـدنا الفـاروق عمـر : مُـذْ كـم (تعبّدتُـم) النـاس وقـد ولدتهـم أُمهاتُهـم أحراراً..وفـي حيـن لـم تلقـى المقولـة صداهـا شمـالاً..فقـد تعالـت تلك الصرخـة مدويـّة وأنبتـت ثمارهـا جنوبـاً..فرفـض الجنوبيـون تمريـر ذلك المُصطلـح برغـم إن المُرشـح جنوبـي..ولسـت أدري ما لسـان حـال خالـد الآنسـي بقائـل بعـد إن خذلـه أقرانـه الشمالييــن فسمحـوا (تاريخيـاً) بتمريـر أول إنتخـاب شعبـي لرئيـس (ناجـح سلفـاً) وبقـرار إستحمـاري أُممـي..!